الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما مالك فاستدل على أن قاتل الخطأ يرث من المال دون الدية بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وروى محمد بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : يرث الزوج زوجته مالها وديتها ، وترث من زوجها ماله وديته .

                                                                                                                                            فإن قتله أحدهما عمدا لم يرثه ، وإن قتل خطأ ورث ماله دون ديته ، وهذا نص إن صح ، ولأن منع القاتل من الميراث عقوبة والخاطئ لا عقوبة عليه كما لا قود عليه ، والدليل عليه عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : القاتل لا يرث وروى أبو قلابة قال : " قتل رجل أخاه في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فلم يورثه منه ، وقال : يا أمير المؤمنين إنما قتلته خطأ ، قال : لو قتلته عمدا لأقدناك به " .

                                                                                                                                            وروى خلاس أن رجلا قذف بحجر فأصاب أمه فقتلها فغرمه علي بن أبي طالب - عليه السلام - الدية ونفاه من الميراث ، وقال : إنما حظك من ميراثها ذاك الحجر . ولأن كل من سقط إرثه عن دية مقتوله سقط عن سائر ماله كالعامد : لأن كل مالك حرم إرثه لو كان عامدا حرم إرثه وإن كان خاطئا كالدية ، فأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : رفع عن أمتي الخطأ فمعناه مأثم الخطأ .

                                                                                                                                            وأما حديث عمرو بن شعيب فمرسل ، وراويه محمد بن سعيد المصلوب صلب في الزندقة على ما قيل ، ثم لو سلم لحمل على إرث ما استحقه من دين أو صداق .

                                                                                                                                            وأما قولهم : إن الخاطئ لا يعاقب بمنع الميراث ، قلنا هلا أنكرتم بذلك وجوب الدية عليه والكفارة ؟

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية