مسألة : قال  الشافعي      - رحمه الله - : ومن عمي موته صنفان : غرقى ، ومفقودون ، فأما  الغرقى ومن ضارعهم من الموتى تحت هدم أو في حريق   ، فلا يخلو حالهم من أربعة أقسام :  
أحدهم : أن يعلم ويتيقن موتهم فيمن تقدم منهم وتأخر ، فهذا يورث المتأخر من المتقدم ، ولا يورث المتقدم من المتأخر ، وهذا إجماع .  
والقسم الثاني : أن يعلم يقين موتهم أنه كان في حالة واحدة لم يتقدم بعض على بعض ، فهذا يقطع فيه التوارث بينهم بإجماع .  
والقسم الثالث : أن يقطع أيهم مات قبل صاحبه ، ثم يطرأ الإشكال بعد العلم به ، فهذا يوقف من تركة كل واحد منهم ميراث من كان معه ويقسم ما سواه بين الورثة ، ويكون الموقوف موضوعا حتى يزول الشك أو يقع فيه الصلح .  
والقسم الرابع : أن يقع الشك فيهم ، فلا يعلم هل ماتوا معا أو تقدم بعضهم على بعض ، ثم لا يعلم المتقدم من المتأخر ، فمذهب  الشافعي   أنه يقطع التوارث بين بعضهم من بعض ويدفع ميراث كل واحد إلى غير من هلك معه من ورثته .  
وبه قال من الصحابة  أبو بكر   وابن عباس   وزيد بن ثابت   ومعاذ بن جبل   والحسن بن علي بن أبي طالب   رضوان الله عليهم ، وأصح الروايتين عن  عمر بن الخطاب      - رضي الله عنه - ومن التابعين  عمر بن عبد العزيز   وخارجة بن زيد بن ثابت   ،      [ ص: 88 ] ومن الفقهاء  مالك   وأبو حنيفة   وأصحابه  والزهري      .  
وقال  إياس بن عبد الرحمن      : أورث بعضهم من بعض من تلاد أموالهم ، ولا أورث ميتا من ميت مما ورثه عن ذلك الميت ، وبه قال من الصحابة  علي بن أبي طالب   ، وإحدى الروايتين عن  عمر بن الخطاب      - رضي الله عنهما - ومن التابعين  شريح   والحسن البصري   ، ومن الفقهاء  الشعبي   والنخعي   والثوري   وابن أبي ليلى   وإسحاق بن راهويه   استدلالا بأن إشكال التوارث لا يمنع من استحقاقه كالخناثى .  
والدليل على سقوط التوارث بينهم أن من أشكل استحقاقه لم يحكم له بالميراث كالجنين ، وكما لو  أعتق عبدا مات أخوه وأشكل هل كان عتقه قبل موته أو بعده ؟   لم يرثه بالإشكال ، ولأن من لم يرث بعض المال لم يرث باقيه كالأجانب ، فأما الخناثى فإنما وقف أمره مع الإشكال : لأن بيانه مرجو وليس كذلك الغرقى لفوات البيان .  
				
						
						
