مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - فيما يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله : : " يحتمل ما الحزم لامرئ مسلم يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ، ويحتمل ما المعروف في الأخلاق إلا هذا لا من جهة الفرض ( قال ) ، فإذا ما حق امرئ مسلم فله النصف ، فإن لم يجز الابن فله الثلث " . أوصى الرجل بمثل نصيب ابنه ولا ابن له غيره
[ ص: 197 ] قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كانت وصيته بالنصف ، وهو قول كان للموصي ابن واحد ، فوصى لرجل بمثل نصيب ابنه أبي حنيفة وصاحبيه ، فإن أجازها الابن وإلا ردت إلى الثلث .
وقال مالك : وهي وصية بجميع المال . وهو قول زفر من الهذليين وداود بن علي استدلالا بأن نصيب ابنه إذا لم يكن له غيره ، أخذ جميع المال فاقتضى أن تكون الوصية بمثل نصيبه وصية بجميع المال ، ولأنه لما كان لو أوصى له بمثل ما كان نصيب ابنه كان وصية بجميع ماله إجماعا ، وجب لو أوصى له بمثل نصيب ابنه أن يكون وصية بجميع المال حجاجا .
وهذا فاسد من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن نصيب الابن أصل ، والوصية بمثله فرع ، فلم يجز أن يكون الفرع رافعا لحكم الأصل .
والثاني : أنه لو جعلنا الوصية بجميع المال لخرج أن يكون للابن نصيب ، وإذا لم يكن للابن بطلت الوصية التي هي بمثله .
والثالث : أن الوصية بمثل نصيب الابن ، فوجب التسوية بين الموصى له وبين ابنه ، فإذا وجب ذلك كانا فيه نصفين وفي إعطائه الكل إبطال للتسوية بين الموصى له وبين الابن .
وأما الجواب عن قولهم : إن نصيب الابن كل المال ، فهو أن له الكل مع عدم الوصية ، وأما مع الوصية فلا يستحق الكل .
وأما قوله : وصيت لك بمثل ما كان نصيب ابني ، فيكون وصية بالكل .
والفرق بينهما : أنه إذا قال بمثل نصيب ابني ، فقد جعل له مع الوصية نصيبا ، فكذلك كانت وصيته بالنصف نصيبا ، وإذا قال : بمثل ما كان نصيب ابني ، فلم يجعل مع الوصية نصيبا ، فكذلك كانت بالكل .