الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا صحت له الوصية فسواء كان الحمل حرا أو مملوكا ؛ لأن الوصية للمملوك جائزة ، إلا أنها في المملوك لسيده ، وفي الحر له دون غيره .

                                                                                                                                            ثم إن وضعت حملها ذكرا أو أنثى فالوصية له .

                                                                                                                                            وإن وضعت ذكرا وأنثى كانت الوصية بينهما نصفين ؛ لأنها هبة لا ميراث ، إلا أن يفضل الموصي الذكر على الأنثى ، لو على هذه فيحمل على تفضيله .

                                                                                                                                            فلو قال : إن ولدت غلاما فله ألف ، وإن ولدت جارية فلها مائة ، فولدت غلاما ، استحق ألفا ، وإن ولدت جارية استحق الغلام ألفا والجارية مائة .

                                                                                                                                            وإن ولدت خنثى دفع إليه مائة ؛ لأنها يقين ، ووقف تمام الألف حتى يستبين .

                                                                                                                                            وهكذا لو قال : إن كان في بطنك غلام فله ألف ، وإن كان في بطنك جارية فلها مائة ، فولدت غلاما وجارية ، كان للغلام ألف وللجارية مائة .

                                                                                                                                            فلو ولدت غلامين أو جاريتين ، صحت الوصية ، وفيها ثلاثة أوجه حكاها ابن سريج : أحدها أن للورثة أن يدفعوا الألف إلى أي الغلامين شاءوا ، والمائة إلى أي الجاريتين شاءوا ؛ لأنها لأحدهما فلم تدفع إلى أحدهما ، ورجع فيها إلى بيان الوارث ، كما لو أوصى له بأحد عبديه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يشترك الغلامان في الألف ، والجاريتان في المائة ؛ لأنها وصية لغلام وجارية ، وليس أحد الغلامين أولى من الآخر فشرك بينهما ، ولم يرجع فيه إلى خيار الوراث ، بخلاف الوصية بأحد العبدين اللذين يملكهما الوراث ، فجائز أن يرجع إلى خياره فيهما .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : أن الألف موقوفة بين الغلامين ، والمائة موقوفة بين الجاريتين حتى يصطلحا عليهما بعد البلوغ ؛ لأن الوصية لواحد فلم يشرك فيها بين اثنين ، وليس للوارث فيها خيار ، فلزم فيها الوقف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية