الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ( ولو ) أوصى له بشاة من ماله قيل للورثة أعطوه ، أو اشتروها له صغيرة كانت ، أو كبيرة ضائنة أو ماعزة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا أوصى لرجل بشاة من ماله فالوصية جائزة ، ترك غنما أو لم يترك ؛ لأنه جعلها في ماله . ويعطيه الورثة ما شاءوا من ضأن أو معز ، صغير أو كبير ، سمين أو هزيل .

                                                                                                                                            وفي استحقاق الأنثى وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما وهو الظاهر من نص الشافعي : أنه لا يعطى إلا أنثى ؛ لأن الهاء موضوعة للتأنيث .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أن الورثة بالخيار في إعطائه ذكرا أو أنثى ؛ لأن الهاء من أصل الكلمة في اسم الجنس ، فاستوى فيه الذكر والأنثى ، ولكن لو قال : شاة من غنمي ، وكانت غنمه كلها إناثا لم يعط إلا أنثى .

                                                                                                                                            وكذلك لو كانت كلها ذكورا ، لم يعط إلا ذكرا منها ، ولو لم يخلف غنما كانت الوصية باطلة .

                                                                                                                                            وكذلك لو دل كلامه على المراد منها ، حمل عليه مثل قوله : شاة ينتفع بدرها ونسلها ، لم يعط إلا كبير أنثى ، لتكون ذات در ونسل ، وسواء كانت من الضأن أو من المعز ، فإن قال : شاة ينتفع بصوفها ، لم يعط إلا من الضأن .

                                                                                                                                            ولا يجوز إذا أوصى بشاة من ماله أن يعطى غزالا أو ظبيا ، وإن انطلق اسم الشاة عليهما مجازا .

                                                                                                                                            ولكن لو قال : شاة من شياهي ، ولم يكن في ماله إلا ظبي ، ففيه وجهان : أحدهما أن الوصية باطلة ؛ لأن اسم الشاة يتناول الغنم ، وليس في تركته فبطلت .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه تصح لأنه لما أضاف ذلك إلى شياهه ، وليس في ماله إلا ما [ ص: 234 ] ينطلق عليه مجاز الاسم ، دون الحقيقة حمل عليه ، وانصرفت وصيته إلى الظبي الموجود في تركته حتى لا تبطل وصيته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية