الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ( ولو أوصى ) أن يحج عنه ولم يكن حج حجة الإسلام ، فإن بلغ ثلثه حجة من بلده أحج عنه من بلده وإن لم يبلغ عنه من حيث بلغ ( قال المزني ) - رحمه الله - : والذي يشبه قوله أن يحج عنه من رأس ماله لأنه في قوله دين عليه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وجملة ذلك أن للميت في الحج عنه حالتين :

                                                                                                                                            حالة يوصي به ، وحالة لا يوصي به .

                                                                                                                                            فإن لم يوص به ، فلا يخلو حاله من أحد أمرين :

                                                                                                                                            إما أن يكون عليه حج واجب ، أو لا حج عليه .

                                                                                                                                            فإن لم يكن عليه حج ، لم يجز أن يتطوع عنه بالحج ، وإن كان عليه حجة الإسلام ، فمات قبل أن يوصي بها ، فواجب أن يحج عنه من رأس ماله بأقل ما يوجد من ميقات بلده ، وكذلك يخرج عنه من رأس ما وجب عليه من زكاة وكفارات وإن لم يوص بها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يصح الحج عنه ولا الزكاة إلا بوصية منه .

                                                                                                                                            وهذا فاسد ؛ لما ذكرناه في الحج ، ولأن ما تعلق وجوبه بالمال ، لزم أداؤه عنه ، وإذا لزم أداؤه عنه ، فمن رأس المال كالديون .

                                                                                                                                            ويخرج منه أجرة المثل من الميقات ، لا من بلده وإن كانت استطاعته من بلده شرطا في وجوب ؛ لأنه إذا كان حيا لزم أداؤه بنفسه فصارت بعض المسافة معتبرة في استطاعته ، فإذا مات ، لم يتعين في النائب عنه أن يكون من بلده ، وإنما لزم أن يؤتي بالحج من ميقات بلده ؛ فلذلك اعتبر أجرة المثل من ميقات بلده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية