مسألة : قال  الشافعي      - رحمه الله تعالى - : " وكذلك لو  أوصى لغازين في سبيل الله   فهم الذين من البلد الذي به ماله " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح : إذا جعل ثلث ماله مصروفا في الغارمين .  
والغارمون ضربان : ضرب استدانوا في المصالح العامة كتحمل للدية " العمد " ، أو غرم مالا في إصلاح ذات البين ، أو تيسير الحج ، أو إصلاح سبيلهم .  
فهذا الصنف من الغارمين لا يراعى فقرهم ويجوز أن يعطوا مع الغنى .  
 [ ص: 272 ] والضرب الثاني : أن يستدينوا في مصالح أنفسهم ، فيراعى فيهم الفقر ولا يجوز أن يعطوا مع الغنى والقدرة .  
ثم ينظر فيما استدانوا : فإن كانوا صرفوه في مستحب أو مباح ، أعطوا ، وإن صرفوه في معصية ، فإن لم يتوبوا منها لم يعطوا ، لما في إعطائهم من إعانتهم عليها وإغرائهم بها .  
وإن تابوا ففي إعطائهم وجهان :  
أحدهما : " لا يعطون " لهذا المعنى .  
والوجه الثاني : يعطون لارتفاعها بالتوبة .  
وأقل ما يصرف الثلث في ثلاثة فصاعدا في الغارمين ، وأي الصنفين أعطى منهم أجزأ ، ويكون ما يعطيهم بحسب غرمهم ، قال  الشافعي      : " ويعطي من له الدين عليهم أحب إلي ، ولو أعطوه في دينهم رجوت أن يسع " .  
فإن صرفه في اثنين غرم للثالث ، وفيه وجهان :  
أحدهما : يضمن ثلث الثلث .  
والثاني : أنه يضمن أقل ما يجزئه أن يعطيه ثالثا ، ويكون ذلك خاصا بغارمي بلد المال ومن كان منهم ذا رحم ، أولى لما في صلتها من زيادة الثواب ، فإن لم يكونوا فجيران المال ، لقوله تعالى :  والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب      [ النساء : 36 ] ولقوله - صلى الله عليه وسلم - :  ما زال  جبريل   يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه     .  
قال  الشافعي      : "  وأقصى الجوار   بينهم أربعون دارا من كل ناحية " ا هـ . هكذا لو  أوصى لجيرانه   ، كان جيرانه منتهى أربعين دارا من كل ناحية .  
وقال  قتادة      : الجار : الدار والداران .  
وقال  سعيد بن جبير      : الذين يسمعون الإقامة .  
وقال  أبو يوسف      : هم أهل المسجد .  
ودليلنا : ما روي  أن رجلا كان نازلا بين قوم فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليشكوهم ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -  أبا بكر   وعمر   وعليا      - رضي الله عنهم - وقال : اخرجوا إلى باب المسجد وقولوا : ألا إن الجوار أربعون دارا     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					