الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإذا بلغ الحلم ولم يرشد زوجه وإن احتاج إلى خادم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : ولا يزوجه بأكثر من واحدة .

                                                                                                                                            أما إذا كان اليتيم على حال صغره فلا يجوز لوصيه أن يزوجه ، وقال أبو ثور : يجوز له أن يزوجه في صغره كالأب .

                                                                                                                                            وهذا فاسد ؛ لأن الوصي لما منع من تزويج الصغيرة ، وإن كان للأب تزويجها مع ما فيه من اكتساب المهر ، كان أولى أن يمنع من تزويج الصغير ، وإن كان للأب تزويجه ؛ لما فيه من التزام المهر ، ولأن الموصى ممنوع أن يخرج من مال الصغير ما لا حاجة به إليه وهو غير محتاج إلى النكاح .

                                                                                                                                            فإذا بلغ اليتيم زال اسم اليتيم عنه ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا يتم بعد حلم .

                                                                                                                                            ثم لا يخلو حاله بعد بلوغه من أن يبلغ رشيدا أو غير رشيد ، فإن بلغ رشيدا وجب ، فله حجره وإمضاء تصرفه .

                                                                                                                                            ثم لا يخلو حال وليه من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون أبا ، فينفك حجره بظهور الرشد بعد البلوغ من غير حكم حاكم ؛ لأن ثبوت الولاية للأب كانت من غير حكم به ، فارتفعت بالرشد من غير حكم .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون الولي أمين الحاكم ، فلا ينفك حجره عنه بظهور الرشد إلا أن يحكم الحاكم بفك حجره ؛ لأن الولاية عليه ثبتت بحكمه فلم ترتفع إلا بحكمه .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يكون الولي عليه وصيا لأب أو جد ، ففي فك الحجر عنه بظهور رشده من غير حكم وجهان : أحدهما : ينفك حجره بغير حكم ؛ لأنه يقوم مقام الأب .

                                                                                                                                            والثاني : لا ينفك عنه إلا بحكم ؛ لأنها ولاية من جهة غيره كالأمين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية