الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن عين على حرز يحرزها ، فلا يخلو حاله من أن ينهاه عن إخراجها من ذلك الحرز أو لا ينهاه ، فإن لم ينهه عن إخراجها من الحرز الذي عينه جاز إحرازها فيه ، سواء كان حرزا لمثلها أو لم يكن ؛ لأن مالكها بالتعيين قد قطع اجتهاده في الاختيار ، فإن أخرجها من ذلك الحرز فذلك ضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : لضرورة أمن غشيان نار أو حدوث غارة ، فلا ضمان عليه بإخراجها منه إذا كان الطريق في إخراجها مأمونا ، ولو تركها مع حدوث هذه الضرورة لكان لها ضامنا ؛ لأنه فرط بتركها .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن ينقلها من ذلك الحرز إلى غيره من غير ضرورة حدثت ، فلا يخلو حال الحرز الذي كانت فيه والحرز الذي نقلت إليه من أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون المعين غير حريز والمنقول إليه حريزا ، فلا ضمان عليه .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون المعين حريزا والمنقول غير حريز ، فعليه الضمان .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون المعين غير حريز والمنقول غير حريز ، فعليه الضمان ؛ لأنه قد عدل عن التعيين إلى غيره اختيارا .

                                                                                                                                            [ ص: 369 ] والرابع : أن يكون المعين حريزا والمنقول إليه حريزا ، فينظر في الحرز المعين ، فإن لم يكن لرب الوديعة جاز نقلها ولم يضمن ؛ لأن حقه في الإحراز دون الحرز ، وإن كان ملكا لرب الوديعة ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز نقلها ولا يضمنها تغليبا لحكم الحفظ المعتبر مع الإطلاق ولضمنها اعتبارا بالتعيين القاطع للاختيار .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يجوز له نقلها اعتبارا بالتعيين القاطع للاختيار .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية