مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وينبغي للإمام أن يتعاهد الخيل ، فلا يدخل إلا شديدا ولا يدخل حطما ولا قمحا ضعيفا ولا ضرعا ( قال المزني ) - رحمه الله - القحم الكبير والضرع الصغير ولا أعجف رازحا ، وإن أغفل فدخل رجل على واحدة منها فقد قيل لا يسهم له : لأنه لا يغني غناء الخيل التي يسهم لها ، ولا أعلمه أسهم فيما مضى على مثل هذه " .
قال الماوردي : وهذا كما قال : ولا يدخل فيها حطما وهو الكبير ولا ضرعا وهو الصغير ولا أعجف رازحا وهو الهزيل الذي لا حراك به : لأنها لا تفي عناء الخيل الشديدة وقد تضر من وجهين : ينبغي للإمام أن يتعاهد خيل المجاهدين وتجهيزها
أحدهما : عجزها عن النهضة ، وعجز راكبها عن المقاتلة .
والثاني : ضيق الغنيمة بالإسهام لها على ذوي العناء والشدة ، فلو دخل رجل بواحد من هذه الضعيفة العاجزة عن عناء الخيل السليمة نظر ، فإن كان الإمام أو أمير الجيش قد نادى فيهم ألا يدخل أحد من الجيش بواحد منها ، فلا سهم لمن دخل بها : لأن في البغال التي لا سهم لها ما هو عناء منها ، وإن لم يناد فيهم بذلك ، فقد قال الشافعي ها هنا وفي الأم قيل : لا يسهم وقيل يسهم لها فاختلف أصحابنا ، فكان أبو علي بن حيران يخرج ذلك على قولين :
أحدهما : لا يسهم لها لما ذكرنا من التعليل ؛ فعجزها عن العناء كالبغال والحمير ، والقول الثاني : يسهم لها : لأن اختلاف القوة والضعف لا يوجب اختلافهما في السهم كالمقاتلة ، وقال أبو إسحاق المروزي : ليس ذلك على اختلاف قولين وإنما هو على اختلاف حالين [ ص: 421 ] فقوله يسهم لها إذا أمكن القتال عليها مع ضعفها ، وقوله لا يسهم لها إذا لم يمكن القتال عليها لضعفها .