مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو أفلت إليهم أسير قبل تحرز الغنيمة فقد قيل يسهم له وقيل لا يسهم له إلا أن يكون قتال فيقاتل فأرى أن يسهم له " .
قال الماوردي : إذا فلا يخلو حاله من أن يختلط بالجيش أو لا يختلط ، فإن لم يختلط وتوجه إلى وطنه فلا حق له في الغنيمة ، وإن اختلط في الجيش فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام : كان في أيدي المشركين أسير وأفلت منهم وقت القتال وصار إلى المسلمين ،
أحدها : أن يحضر قبل تقضي الحرب ، فهذا يسهم له قاتل أو لم يقاتل .
وقال أبو حنيفة : لا يسهم له إلا أن يقاتل : لأنه ما قصد الجهاد ولا تكلف له وهذا خطأ : لقوله - صلى الله عليه وسلم - : الغنيمة لمن شهد الوقعة ، ولأن من أسهم له إذا قاتل أسهم له وإن لم يقاتل كسائر الجيش ، ولأن ما عاناه من شدة الأسر وذلك لا يجوز أن يكون سببا لحرمانه ، فأما نية القصد وتكلف المؤن فليس بشرط في سهم غيره ، فكذلك في سهمه .
[ ص: 425 ] والقسم الثاني : أن يحضر بعد الوقعة وقبل إحازة الغنيمة ففي استحقاقه للسهم قولان بناء على اختلاف قوليه متى يملك الغانمون الغنيمة .
فأحد القولين أنه لهم بانقضاء الحرب أن يتملكوها ، فعلى هذا يسهم منها لأسير : لأنه قد شاركهم في سهم التملك لها .
والقول الثاني : إنهم يتملكونها بشرطين : القتال عليها والإحازة لها .
فعلى هذا لا سهم لأسير بحضوره بعد أن ملك الجيش أن يتملكها .
فإذا قيل يسهم له ، فبحسب حاله فارسا كان أو راجلا وإذا قيل : لا يسهم له ، فإن حضر بعد قسم الغنيمة ، فلا رضخ له فيها وإن حضر قبل قسمتها رضخ له منها ، وتحتمل وجها آخر أن لا يرضخ له لفوات زمان التملك ، والله أعلم .