الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا قيل إن أربعة أخماس الفيء مصروف في وجوه المصالح العامة التي منها عطاء الجيش ، وجب بيان الفصلين في وقت العطاء وجنس المال المعطى .

                                                                                                                                            فأما وقت العطاء فهو معتبر بمال الفيء ، فإن كان مستحقا في دفعة واحدة جعل وقت العطاء في دفعة واحدة من السنة ، وينبغي أن يكون الوقت من السنة معلوما عند جميع أهل الفيء ليقدر إليه نفقاتهم ، يتوقعوا فيه أرزاقهم وينظرهم إليه تجارهم ، ويختار أن يكون في المحرم : لأنه أول السنة العربية ، فإذا حل وفاهم عطاء السنة بأسره . وإذا كان مال الفيء مستحقا في أوقات شتى من السنة ، جعل للعطاء وقتين وقسمه نصفين وأعطاهم بعد كل ستة [ ص: 446 ] أشهر نصفه . ولا يجب أن يجعل للعطاء في السنة أكثر من وقتين ، ولا أن يجعله مشاهرة وإن قبض مال الفيء مشاهرة لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : لئلا يصير الجيش متشاغلا في كل السنة بالقبض والطلب .

                                                                                                                                            والثاني : كيلا ينقطع عن الجهاد توقعا لحلول الشهور أو تتأخر عنهم إن خرجوا . فإن قيل : أفيكون العطاء لما مضى من المدة ، أو لما يستقبل منها ؟ قيل : ليس هو لما مضى ولا لما يستقبل : لأن أرزاق المقاتلة تجري مجرى الجعالة ، والوجوب متعلق بحصول المال ، والأداء مستحق بحلول الوقت . وعلى القول الأول يكون الوجوب والأداء معا متعلقين بحصول المال ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية