فصل : فأما فهذا على ضربين : إذا عدم بعض الأصناف ،
أحدهما : أن يعدموا في جميع البلاد فيسقط سهمهم بعدمهم ، ويقسم الصدقة على من وجد منهم ، فإن كان الباقون من الأصناف خمسة قسمت الزكاة على خمسة أسهم لكل صنف منهم سهم ، وإن بقي ثلاثة أصناف قسمت على ثلاثة أسهم لكل صنف سهم .
فإن قيل : أفليس لو وصى بثلثه لثلاثة فقد أحدهم لم يرد سهمه على من وجد ؛ فهلا كانت سهام الأصناف هكذا ، قيل : لأن ليس للصدقات مصرف غير الأصناف ، فلم يجز أن يرد سهم المفقود عليهم والضرب على غيرهم . ولمال الميت مصرف غير أهل الوصايا فلم يرد سهم المفقود عليهم .
[ ص: 486 ] والضرب الثاني : أن يعدموا في بلد المال ويوجدوا في غير البلاد ، فينقسم حال من عدم منهم في بلد المال ثلاثة أقسام : قسم ينقل سهمهم ، وقسم لا ينقل سهمهم ، وقسم اختلف أصحابنا في نقل سهمهم ، فأما من ينقل سهمهم إلى البلاد التي يوجدون فيها فهم الغزاة ، ينقل سهم سبيل الله المصروف إليهم من بلد المال الذي فقدوا فيه إلى البلاد التي يوجدون فيها من الثغور وغيرها : لأنهم يكثرون في الثغور ويقلون في غيرها فلم يكتفوا بسهمهم من صدقات بلادهم ، وأما من لا ينقل سهمهم فهم العاملون عليها : لأنهم إذا قعدوا قام أرباب الأموال مقامهم فيها ، ولأن سهمهم يسقط مع الحضور إذا لم يعملوا ، فكيف بهم إذا قعدوا ؟ وأما من اختلف من أصحابنا في نقل سهمهم فهم باقي الأصناف وفيهم وجهان :
أحدهما : لا ينقل اعتبارا بتغليب المكان على الصنف ويقسم على من وجد دون من فقد كما يعتبر عدم الماء في جواز التيمم لمكان عدمه ، ويعتبر حال ابن السبيل بمكان حاجته . والوجه الثاني : ينقل اعتبارا بتغليب الصنف على المكان فينقل إلى أقرب البلاد التي توجد فيها من فقد من الأصناف : لأن استحقاق الأصناف لها ثابت بالنص واختصاص المكان بها ثابت بالاجتهاد ، فإذا تعارض كان تغليب ما ثبت بالنص أولى من تغليب ما ثبت بالاجتهاد ، والله أعلم بالصواب .