مسألة : قال الشافعي : " فإن كان فيهم رجل من أهل الفيء ضرب عليه البعث في الغزو ولم يعط ، فإن قال لا أغزو واحتاج أعطي ، فإن هاجر بدوي ( واحتاج ) واقترض وغزا صار من أهل الفيء وأخذ فيه ، ولو احتاج وهو في الفيء لم يكن له أن يأخذ من الصدقات حتى يخرج من الفيء ويعود إلى الصدقات فيكون ذلك له " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، قد ذكرنا أن أهل الفيء بمعزل عن أهل الصدقات ينصرف إليهم مال الفيء دون الصدقات ، وأهل الصدقات بمعزل عن أهل الفيء ينصرف إليهم مال الصدقات دون الفيء ، وضرب هم من أهل الصدقة ، فأما غزاة أهل الفيء فهم المقترضون في ديوان الفيء من المقاتلة فهم لا يعطون أرزاقهم من مال الفيء ، ولا يجوز أن يعطوا من الصدقات ، وأما الذين إن شاءوا غزوا وإن شاءوا أقاموا ، فهؤلاء إذا أرادوا الغزو أعطوا من مال الصدقات من سهم سبيل الله ، ولم يجز أن يعطوا من مال الفيء لرواية غزاة أهل الصدقات فهم المتطوعة من الأعراب وأهل الصنائع من أهل الأمصار ابن عباس وقال : كان أهل الفيء على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعزل عن أهل الصدقات ، وأهل الصدقات بمعزل عن أهل الفيء ، فلو أن رجلا من أهل الفيء معترضا في ديوانه ضرب عليه البعث في الغزو أو لم يضرب عليه فأراد الخروج من أهل الفيء والدخول في أهل الصدقات ليغزو إن شاء ويقعد عنه إن اختار كان ذلك له : لأنه لم يكن عليه عقد لازم ، وإنما هو جعالة فيسقط رزقه من ديوان الفيء ويعطى من مال الصدقات ، ولو أن أعرابيا من أهل الصدقات هاجر وأراد أن يقترض من ديوان الفيء جاز أن يقرضه الإمام ، فإذا رآه الإمام أهلا لذلك خرج من أهل الصدقات .