الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الثاني وهو قتال المشركين في ديارهم فينبغي للإمام أن يبدأ بقتال الأقرب فالأقرب من بلاد الإسلام : لقول الله تعالى : قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ، ولأن سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتالهم جارية بذلك : ولأن الأقرب أخوف ، وهو على انتهاز الفرصة منهم أحذر : ولأن قتال الأقرب أسهل ، والخبرة به أكثر ، وهذا أصل يعمل عليه تكافؤ الأحوال . وجملته أن للأقرب والأبعد ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون الأقرب أخوف جانبا ، وأقوى عدة : فوجب أن يبدأ بالأقرب ، ولا يقاتل الأبعد إلا بعد فراغه من قتال الأقرب : إما بظفر أو صلح .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون الأبعد أخوف من الأقرب : فيبدأ بقتال الأبعد لقوته ، لكن بعد أن يفعل ما يأمن به الأقرب من مهادنته ، وأن يجعل بإزائه من يرده إن قصده .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يتساوى الأبعد والأقرب في القوة والخوف فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون البعدى وراء القربى : لأن تفريق الجيش مضيعة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون القربى في جهة ، والبعدى في أخرى ، فإن كان إذا تفرق الجيش عليهما قدروا على قتالهما : جاز أن يقاتل أيتهما شاء بحسب ما يؤديه اجتهاده إليه ، ويستبقي للأخرى من يقوم بقتالها إن نفرت ، أو يجمع قتالهما معا ، وإن كان إذا تفرق الجيش ضعفوا عنه وجب أن يبدأ بقتال القربى قبل البعدى : لما قدمناه من الدليل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية