الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الفصل الثاني في ضمان من قتل منهم من المسلمين فهذا على أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يعمد قتله ويعلم أنه مسلم فهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يقتله لغير ضرورة دعته إلى قتله ، فهذا يجب عليه القود كما لو قتله في دار الإسلام : لأن دار الشرك لا تبيح دم مسلم .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تدعوه الضرورة إلى قتله ، ليتوصل به إلى دفع الشرك عن نفسه ، ففي وجوب القود عليه وجهان ، حكاهما ابن أبي هريرة تخريجا من اختلاف قولي الشافعي في وجوب القود على المكره إذا قتل :

                                                                                                                                            أحدهما : عليه القود إذا قتل كوجوب القود على المكره لاشتراكهما في الضرورة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا قود عليه إذا قتل : لأنه لا قود على المكره ، ويكون عليه الدية والكفارة ، وتكون هذه الدية في ماله مع الكفارة : لأنها دية عمد سقط القود فيه بشبهة .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن لا يعمد قتله ولا يعلم أنه مسلم فلا قود عليه ولا دية ، وعليه الكفارة لقول الله تعالى : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة [ النساء : 92 ] . فاقتصر قول الله تعالى به على وجوب الكفارة دون الدية : لأن دار الكفر موضوعة على الإباحة .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يعمد قتله ، ولا يعلم أنه مسلم فلا قود عليه : لأنه يجهل بحاله مع الغالب من حكم الدار شبهة في سقوط القود ، وعليه الدية والكفارة ، وتكون دية عمد يتحملها في ماله .

                                                                                                                                            وقال أبو إبراهيم المزني : عليه الكفارة دون الدية لجهله بإسلامه .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن لا يعمد قتله ويعلم أنه مسلم ، فلا قود عليه ، وعليه الكفارة ، وفي وجوب الدية قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا دية عليه تغليبا لإباحة الدار .

                                                                                                                                            والقول الثاني : عليه الدية تغليبا لحرمة الإسلام ، وتكون دية خطأ تتحملها العاقلة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية