الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا صح أمانه على نفسه وماله على التقسيم المذكور كان أمانه على نفسه مقدرا بأربعة أشهر وفيما بين الأربعة أشهر والسنة وجهان : وكان أمانه على ماله غير مقدر ، ويجوز أن يكون مؤبدا وفي أمانه على ذريته وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يتقدر بمثل مدته اعتبارا به : لأنه أمان على نفس آدمي .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يجوز أن يتأبد ولا يتقدر بمدة كالمال : لأنهما تبع فاستويا في الحكم ، فإن عاد هذا المستأمن إلى دار الحرب وخلف ذريته وماله في دار الإسلام انقسم حكم عوده ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يعود إليها لتجارة أو لحاجة ، فيكون على أمانه في نفسه وذريته وماله ، ولا ينتقض بدخول دار الحرب كالذمي إذا دخل دار الحرب تاجرا كان على ذمته .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يعود إليها مستوطنا فيرتفع أمانه على نفسه اعتبارا بقصده ، ويكون الأمان على ذريته وماله باقيا : لأنه يجوز أن ينفرد الأمان على ذريته وماله دون نفسه : لأن حربيا لو أنفذ إلى دار الإسلام ذريته وماله على أمان أخذه لهما دون نفسه صح كما يصح أن يأخذه لنفسه دون ذريته وماله ، فإذا جمع في الأمان بين ذريته وماله فارتفع في نفسه لم يرتفع في ذريته وماله .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يعود إلى دار الحرب ناقضا للأمان محاربا للمسلمين فينتقض أمانه في نفسه وماله ، ولا ينتقض في ذريته : لأن حرمة المال معتبرة به وحرمة الذرية معتبرة بهم ولو كان الأمان منفردا على ماله لم ينتقض لمحاربته وقتاله ، وكان بخلاف ما لو جمعهما الأمان : لأنهما إذا اجتمعا كان حكمهما مشتركا ، وإذا انفرد بالمال كان حكمهما مختلفا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية