الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " فأما الأخوان فيفرق بينهما " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، يجوز التفرقة في الملك بين ما عدا الوالدين والمولودين من الإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال ، والخالات ، وإن كان مكروها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : تحرم التفرقة بين كل ذي رحم محرم ، استدلالا برواية أبى موسى الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يفرق بين والدة وولدها ، ولا بين والد وولده ولا بين أخ وأخيه ، وبرواية عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي بن أبي طالب - عليه السلام - قال : قدم سبي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرني ببيع غلامين أخوين ، فبعتهما وفرقت بينهما ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أدركهما فارتجعهما وبعهما معا ولا تفرق بينهما .

                                                                                                                                            ومن القياس : أنه ذو رحم محرم بنسب ، فلم تجز التفرقة بينهما في الملك كالوالدين والمولودين .

                                                                                                                                            ودليلنا هو أن كل نسب لا يمنع من قبول الشهادة ، ولا يمنع من جواز الزوجية كغير ذوي المحارم طردا ، وكالوالدين والمولودين عكسا ، ولأن الأحكام المختصة بالأنساب إذا وقفت على بعض المناسبين كانت مقصورة على الوالدين مع المولودين ، كالولاية والشهادة والقصاص وحد القذف ، وهذه أربعة أحكام وافقوا عليها ، فكذلك في أربعة أحكام خالفوا فيها ، وهي وجوب النفقة ، والعتق بالملك ، والقطع في السرقة ، والتفرقة في البيع ، فأما الخبران فضعيفان ، ولو صحا حملا على الاستحباب بدليلنا وقياسهم على الوالدين ، فالمعنى فيه وجود البعضية المانعة من قبول الشهادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية