مسألة : قال الشافعي : " وليس له أن يغتالهم في أموالهم وأنفسهم لأنهم إذا أمنوه فهم في أمان منه ولو حلف وهو مطلق كفر " .
قال الماوردي : اعلم أن للأسير إذا أطلق في دار الحرب أربعة أحوال :
أحدها : ، فيحرم عليه بعد استئمانهم له أن يغتالهم في أنفسهم وأموالهم ، لقوله تعالى : أن يؤمنوه ويستأمنوه ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود [ المائدة : ا ] . إلا أن ينقضوا أمانهم له ، فينتقد به أمانه لهم ، لقوله تعالى : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء [ الأنفال : 58 ] . ولو استرقوه بعد أمانهم كان الاسترقاق نقضا لأمانهم واستئمانهم .
والحال الثانية : ، فلا يكون الإطلاق استئمانا كما لم يكن أمانا ، ويجوز أن يغتالهم في أنفسهم وأموالهم ، ولو أطلقوه بعد أن استرقوه لم يكن الاسترقاق أمانا فيهم ولا أمانا لهم . أن لا يؤمنوه ولا يستأمنوه
والحال الثالثة : أن ، فينظر ، فإن كان لا يخافهم إما لقدرته على الخروج ، وإما لثقته بكفهم عنه ، فهم على أمانهم منه لا يجوز أن يغتالهم في نفس [ ص: 271 ] ولا مال ، وإن لم يأمنهم ، فلا أمان لهم ، ويجوز له اغتيالهم ، لقوله تعالى : يستأمنوه ، ولا يؤمنوه فانبذ إليهم على سواء ، [ الأنفال : 58 ] .
والحال الرابعة : ، ففيه وجهان : أن يؤمنوه ولا يستأمنوه
أحدهما : - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة - إنهم لا أمان لهم منه ، وإن عقدوا له أمانا منهم : لأن تركهم لاستئمانه قلة رغبة في أمانه .
والوجه الثاني : - وهو الظاهر من مذهب الشافعي ، وقول جمهور أصحابه - إنه قد صار لهم بأمانهم له أمان منه ، وإن لم يستأمنوه ، لما يوجبه عقد الأمان من التكافؤ فيه .