مسألة : قال الشافعي : " ولو خلوه على فداء إلى وقت فإن لم يفعل عاد إلى أسرهم : فلا يعود ، ولا يدعه الإمام أن يعود ، ولو امتنعوا من تخليته إلا على مال يعطيهموه فلا يعطيهم منه شيئا : لأنه مال أكرهوه على دفعه بغير حق " .
قال الماوردي : ، فإن حمله ، وإلا عاد إليهم ، لم يجب عليه حمل الفداء ، ولا العود إليهم ، ويكون الشرطان باطلين . إذا أطلق أهل الحرب أسيرا على اشتراط فداء يحمله إليهم
وقال الزهري ، والأوزاعي : الشرطان واجبان ، فيؤخذ بحمل المال إليهم ، فإن حمله ، وإلا أخذ بالعود إليهم .
وقال أبو هريرة والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، وسفيان الثوري : اشتراط الفداء لازم ، واشتراط العود باطل .
واحتجوا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقد صلح الحديبية مع قريش على أنه يرد إليهم من جاء مسلما منهم ، فجاءه أبو جندل بن سهل بن عمرو مسلما ، فرده إلى أبيه ، وجاءه أبو بصير مسلما ، فرده إليهم مع رسول لهم ، فقتل الرسول ، وعاد فقال : يا رسول الله ، قد وفيت لهم ، ونجاني الله منهم ، فلم ينكره عليه .
ودليلنا : ما روي أن ، قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد صلح أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط الحديبية مسلمة ، وجاء أخواها في طلبها ، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ردها إليهم ، بقوله تعالى : فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار [ الممتحنة : 15 ] . ولأن المعاوضة عن رقبة الحر لا تصح ، فبطل الفداء ، وسقط المال .
واجبة ، والعود إليها معصية ، فلم يجز العود . والهجرة من دار الحرب
[ ص: 272 ] فأما حديث أبي جندل ، وأبي بصير ، فهو منسوخ بحديث أم كلثوم ، وعلى أنهما كانا ذوي عشرة طلبا رغبة فيهما ، وإشفاقا عليهما ، فخالفا من عداهما .