فصل : فإذا تقرر هذا ، وتطاول الزمان ، الوقت قدر جزيتهم ، فإن استفاضت بها الأخبار ، وانتشر ذكرها في الأمصار ، عمل فيها على الخبر المستفيض . وأشكل على إمام
وإن لم تعرف استفاضتها رجع إلى شهادة العدول من المسلمين ، فإذا شهد منهم عدلان بمقدار من الجزية يجوز أن يصالحوا على مثله حكم بشهادتهم ، وإن لم يشهد به عدلان ، وكان في ديوانهم الموضوع بجزيتهم قدر جزيتهم ، وشروط صلحهم ، فإن ارتاب به ولم تقع في النفس صحته ، لخطوط مشتبهة ، لم يجز أن يعمل عليه .
[ ص: 333 ] وإن انتفت عنه الريبة ، وكان تحت ختم أمناء الكتاب ، ففي جواز العمل عليه وجهان :
أحدهما : لا يجوز العمل عليه في حقوق بيت المال ، كما لا يجوز أن يعمل عليه القضاة والحكام ، وعلى هذا لم يبرأ بها . لو ادعى ذمي دفع جزيته ببراءة أحضرها
والوجه الثاني : يجوز أن يعمل عليه في حقوق بيت المال اعتبارا بعرف الأئمة فيه : لأن الديوان موضوع له ، وكما يجوز في رواية الحديث أن يعمل الراوي على خطه إذا تحققه ، وخالف ما عليه القضاة والحكام من العمل بما في دواوينهم من وجهين :
أحدهما : أن حقوق بيت المال عامة ، فكان حكمها أوسع ، وأحكام القضاة خاصة ، فكان حكمها أضيق .
والثاني : أن حقوق بيت المال لا يتعين مستحقها ، ويتعذر من يتولى الإشهاد فيها ، وحقوق الخصوم عند القضاة ، يتعين مستحقها ، ولا يتعذر عليه أن يتولى الإشهاد فيها .
وعلى هذا لو ادعى ذمي دفع جزيته ببراءة أحضرها تقع في النفس صحتها برئ .