الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر هذا ، وتطاول الزمان ، وأشكل على إمام الوقت قدر جزيتهم ، فإن استفاضت بها الأخبار ، وانتشر ذكرها في الأمصار ، عمل فيها على الخبر المستفيض .

                                                                                                                                            وإن لم تعرف استفاضتها رجع إلى شهادة العدول من المسلمين ، فإذا شهد منهم عدلان بمقدار من الجزية يجوز أن يصالحوا على مثله حكم بشهادتهم ، وإن لم يشهد به عدلان ، وكان في ديوانهم الموضوع بجزيتهم قدر جزيتهم ، وشروط صلحهم ، فإن ارتاب به ولم تقع في النفس صحته ، لخطوط مشتبهة ، لم يجز أن يعمل عليه .

                                                                                                                                            [ ص: 333 ] وإن انتفت عنه الريبة ، وكان تحت ختم أمناء الكتاب ، ففي جواز العمل عليه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجوز العمل عليه في حقوق بيت المال ، كما لا يجوز أن يعمل عليه القضاة والحكام ، وعلى هذا لو ادعى ذمي دفع جزيته ببراءة أحضرها لم يبرأ بها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يجوز أن يعمل عليه في حقوق بيت المال اعتبارا بعرف الأئمة فيه : لأن الديوان موضوع له ، وكما يجوز في رواية الحديث أن يعمل الراوي على خطه إذا تحققه ، وخالف ما عليه القضاة والحكام من العمل بما في دواوينهم من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن حقوق بيت المال عامة ، فكان حكمها أوسع ، وأحكام القضاة خاصة ، فكان حكمها أضيق .

                                                                                                                                            والثاني : أن حقوق بيت المال لا يتعين مستحقها ، ويتعذر من يتولى الإشهاد فيها ، وحقوق الخصوم عند القضاة ، يتعين مستحقها ، ولا يتعذر عليه أن يتولى الإشهاد فيها .

                                                                                                                                            وعلى هذا لو ادعى ذمي دفع جزيته ببراءة أحضرها تقع في النفس صحتها برئ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية