فصل : وإذا كالذي فعله بذل قوم من أهل الحرب للإمام في وقتنا أن يعقد معهم الذمة على مضاعفة الصدقة عمر جاز اقتداء به ، واتباعا ، ولو سألوه أن يعقدها على صدقة واحدة من غير مضاعفة جاز إذا لم تنقص عن دينار الجزية ، فإن نقصت عنه لم يجز أن يعقدها معهم وجها واحدا : لأن ما قدمناه من الأوجه الثلاثة ، إنما هي في عقد أمضاه إمام مجتهد ، فإذا عقد عقدا مستأنفا ، فلا يمضي بأقل من دينار الجزية ، فإن بلغ أخذها من بعضهم دينارا على كل رأس منهم ، ففي جوازه وجهان :
أحدهما : - وهو قول أبي إسحاق المروزي لا يجوز : لأن فيهم من لا يؤدي دينارا .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة يجوز : لأن المطلوب أخذ دينار عن كل رأس وقد أخذ .
فعلى هذين الوجهين ، لو أن رجلا من أهل الذمة عقد الجزية على نفسه ، ومائة رجل من قومه على مائة دينار يؤدونها من ماله نظر في موضوعها ، فإن أوجبها عليهم وتحملها عنهم جاز : لأنه تبرع بها وهم مأخوذون بها إن امتنع منها ، وإن أوجبها على نفسه لتكون عنه وعنهم ، ففي جوازه ما قدمناه من الوجهين :
أحدهما : هو قول أبي إسحاق ، لا يجوز : لأنهم يقيمون بغير جزية تلزمهم .
والثاني : وهو قول أبي علي ، يجوز لحصول الفرض المطلوب منهم .