الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا بذل قوم من أهل الحرب للإمام في وقتنا أن يعقد معهم الذمة على مضاعفة الصدقة كالذي فعله عمر جاز اقتداء به ، واتباعا ، ولو سألوه أن يعقدها على صدقة واحدة من غير مضاعفة جاز إذا لم تنقص عن دينار الجزية ، فإن نقصت عنه لم يجز أن يعقدها معهم وجها واحدا : لأن ما قدمناه من الأوجه الثلاثة ، إنما هي في عقد أمضاه إمام مجتهد ، فإذا عقد عقدا مستأنفا ، فلا يمضي بأقل من دينار الجزية ، فإن بلغ أخذها من بعضهم دينارا على كل رأس منهم ، ففي جوازه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : - وهو قول أبي إسحاق المروزي لا يجوز : لأن فيهم من لا يؤدي دينارا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة يجوز : لأن المطلوب أخذ دينار عن كل رأس وقد أخذ .

                                                                                                                                            فعلى هذين الوجهين ، لو أن رجلا من أهل الذمة عقد الجزية على نفسه ، ومائة رجل من قومه على مائة دينار يؤدونها من ماله نظر في موضوعها ، فإن أوجبها عليهم وتحملها عنهم جاز : لأنه تبرع بها وهم مأخوذون بها إن امتنع منها ، وإن أوجبها على نفسه لتكون عنه وعنهم ، ففي جوازه ما قدمناه من الوجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : هو قول أبي إسحاق ، لا يجوز : لأنهم يقيمون بغير جزية تلزمهم .

                                                                                                                                            والثاني : وهو قول أبي علي ، يجوز لحصول الفرض المطلوب منهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية