الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإذا كسر لهم صليب من ذهب لم يكن فيه غرم ، وإن كان من عود ، وكان إذا فرق صلح لغير الصليب فما نقص الكسر العود ، وكذلك الطنبور والمزمار " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : لأن شكل الصليب موضوع على زور ، وهو أنهم جعلوه شبها بما ادعوه من صلب عيسى - عليه السلام - فإذا كسر صليبهم ، فإن كان من ذهب أو فضة أو ما لا يؤثر كسره في قيمة جنسه لم يضمنه بالكسر : لأنه تأثير الكسر فيه إزالة المطلوب منه .

                                                                                                                                            وسواء كان كاسره مسلما أو نصرانيا .

                                                                                                                                            وإن كان الصليب من عود أو خشب يؤثر كسره في قيمته ، فإن فصله ، ولم يتعد تفصيله إلى الكسر ، فلا ضمان عليه ، وإن تعدى تفصيله إلى الكسر نظر فيه .

                                                                                                                                            فإن كان في شبهه لو فصل لم يصلح لغير الصليب ، فلا ضمان عليه ، وإن كان يصلح مفصلا لغير الصليب ضمن ما بين قيمته مفصلا ، ومكسورا .

                                                                                                                                            وهكذا القول في الطنابير والمزامير إذا فصلت ، ولم تكسر ، فلا ضمان فيها ، وإن كسرت فإن كان خشبها لا يصلح بعد التفصيل لغيرها لم يضمن وإن كان يصلح لغيرها ، ضمن ما بين قيمتها مفصلة ومكسورة .

                                                                                                                                            فأما أواني الذهب والفضة إذا كسرها عليهم أو على مسلم ، ففي غرم ما نقص بكسرها من العمل وجهان من اختلاف قوليه في إباحة اقتنائها من غير استعمال .

                                                                                                                                            فإن قيل بإباحته ضمن نقص العمل ، وإن قيل بحظره لم يضمنه ، وكان أبو حامد الإسفراييني يخرج كسر الصليب من الذهب على هذين الوجهين . وهو خطأ : لأن ادخار الصليب محظور باتفاق ، وادخار الأواني على اختلاف ، فلم يجز الجمع بينهما مع اختلاف حكمهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية