مسألة : قال الشافعي : قال عمر وابن عباس : الذكاة في الحلق واللبة ، وزاد عمر : ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق ، ونهى عن النخع .
قال الماوردي : أما قوله : الذكاة في الحلق واللبة ، فقد رواه الشافعي عن عمر وابن عباس ورواه غيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : وليس يمتنع أن يكون مسنونا عن الرسول ، ومأثورا عن الصحابة ، وقد مضى حكم الذكاة في الحلق واللبة ، وأما ما رواه الشافعي عن عمر أنه قال : لا تعجلوا الأنفس أن تزهق .
فالزهق : الإسراع ، والمراد به إسراع خروج النفس ، ومنه قوله تعالى : وتزهق أنفسهم [ التوبة : 55 ] وفي المراد بنهي عمر عنه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن كالذي كانت تفعله الجاهلية . يقطع أعضاء الذبيحة قبل خروج نفسها ليتعجل أكلها
والثاني : . أن يعجل سلخها قبل خروج نفسها ليتعجل أكلها
والثالث : أن يمسكها بعد الذبح حتى لا تضطرب ليتعجل خروج روحها كاليهود ، وهذه الثلاثة لا تمنع من الإباحة لوجودها بعد الذكاة ، وأغلظها في الكراهة قطعها ثم سلخها ثم إمساكها ، وإن لم يحرم الأكل بواحد منها ، وأما نهي عمر - رضي الله عنه - عن النخع ، فقد روي عنه أنه قال : لا تنخعوا ولا تفرسوا فأما النخع ففيه وجهان :
أحدهما : أنه في قول كسر العنق الشافعي .
والثاني : كسر عظم الرأس في قول أبي هريرة .
[ ص: 91 ] والثالث : أن يبالغ في القطع حتى يصل إلى قطع النخاع ، وهو عرق في الصلب يمتد إلى القفا ، وهذا قول أبي عبيدة .
وأما الفرس ففيه وجهان :
أحدهما : أنه كسر العظم .
والثاني : أنه قطع الرأس مأخوذ من افتراس السبع ، وليس في النخع ولا الفرس على كلا الوجهين مانع من الإباحة ، وإن كانا مكروهين لحدوثهما بعد كمال الذكاة ، وإن كانت الروح باقية وأشدهما كراهة أشدهما تعذيبا وألما .