الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " إن قال لعمر الله فإن لم يرد بها يمينا فليست بيمين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : لا يخلو حاله إذا قال : لعمر الله لأفعلن كذا من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يريد به اليمين ، فتكون يمينا مكفرة ؛ لأن للناس في معناه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : معناه علم الله ، قاله قتادة .

                                                                                                                                            والثاني : بقاء الله ويشبه أن يكون قول ابن عباس .

                                                                                                                                            والثالث : وحق الله وأي هذه المعاني كان ، فهو من صفات ذاته .

                                                                                                                                            [ ص: 274 ] والحال الثانية : أن لا يريد يمينا فلا تكون يمينا .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : تكون يمينا وإن لم يردها : لأنه من صفات ذاته .

                                                                                                                                            ودليلنا هو أن لفظه قد صار في العرف مستعملا في غير الأيمان مثل قولهم : لعمري لقد كان كذا ، ومن قول الشاعر :


                                                                                                                                            لعمرك ما يدري امرؤ كيف يتقي نوائب هذا الدهر أم كيف يحذر

                                                                                                                                            فجاز أن يكون محمولا على العرف بالإرادة ، فلا تكون يمينا لخروجه عن حكم الصفات المحضة .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يطلقه ، ولا تكون له فيه إرادة ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : تكون يمينا لما اقترن به من عرف الشرع في قوله تعالى : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون [ الحجر : 72 ] .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن لا تكون يمينا لأن عرف الاستعمال فيه مشترك ، وعرف الشرع فيه محتمل ؛ لأن قوله : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون قسم من الله تعالى برسوله ، وأقسام الله تعالى مخالفة لأقسام عباده ، لجواز قسمه بالمخلوقات التي لا يجوز أن يقسم بها المخلوقون .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية