الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقررت هذه الجملة وأراد أن يوجب الأضحية بعد ملكها بشراء ، فإن أوجبها بالقول ، فقال : هذه أضحية وجبت ، وإن أوجبها بالنية فنوى أنها أضحية ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو مذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه لا تصير بالنية أضحية حتى يقترن بها القول : لأنها إزالة ملك فأشبه العتق والوقف .

                                                                                                                                            [ ص: 101 ] والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج أنها قد صارت بمجرد النية أضحية لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما الأعمال بالنيات مع قول الله تعالى : لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم [ الحج : 37 ] يعني إخلاص القلوب بالنيات ، فعلى قول أبي العباس بن سريج قد وجبت ويؤخذ بذبحها ، وعلى الوجه الأول لم تجب وله بيعها ، فإن تركها على نيته حتى ضحى بها فهل تصير بالذبح بعد النية أضحية أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا تصير أضحية بالذبح مع تقدم النية .

                                                                                                                                            والثاني : تصير لأن الذبح فعل ظاهر ، فإذا اقترن بالنية صار آكد من القول بغير نية ، فصار فيما تصير به أضحية ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : بالقول وحده .

                                                                                                                                            والثاني : بالنية وحدها .

                                                                                                                                            والثالث : بالنية والذبح .

                                                                                                                                            فأما الهدايا ففيما يوجبها الشافعي قولان ، ولأصحابه وجهان آخران أحد قولي الشافعي ، وهو الجديد أنها لا تجب إلا بالقول ، فيقول : قد جعلت هذه البدنة هديا .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو القديم أنها تصير بالتقليد والإشعار هديا ، وإن لم يقل : لأنه علم ظاهر كالقول .

                                                                                                                                            والثالث : وهو أحد وجهي أصحابنا أنها تصير هديا بالنية ، وإن لم يقلدها ، ويشعرها كالأضحية .

                                                                                                                                            والرابع : وهو الوجه الثاني لأصحابنا : أنها تصير هديا بالذبح مع النية ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية