فصل : وأما فأكلها حلال ، قال لحم الخيل الشافعي : لا كل ما لزمه اسم الخيل من العراب والمقاديف والبراذين ، فأكلها حلال .
وبه قال أبو يوسف وأحمد ومحمد وإسحاق ، وقال مالك : كلها حرام .
وقال أبو حنيفة : مكروه ، احتجاجا بقوله تعالى : والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة [ النحل : 8 ] . فكان في تحريم أكلها دليل من وجهين :
أحدهما : تخصيص منفعتها بالركوب والزينة ، فدل على تحريم ما عداه .
والثاني : ضمها إلى ما حرم أكله من الحمير ، وبرواية خالد بن الوليد ، قال : خيبر ، فأتته اليهود ، فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها ، وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها . خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى
وهذا نص قالوا : ولأنه ذو حافر أهلي ، فوجب أن يحرم أكله كالحمير ، ولأنه حيوان يسهم له ، فوجب أن لا يحل أكله كالآدميين .
ودليلنا : ما رواه الشافعي ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر ، قال : وهذا نص . أطعمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الخيل ، ونهانا عن لحوم الحمير
[ ص: 143 ] وروى الشافعي ، عن سفيان ، عن هاشم بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن ، قالت : أسماء بنت أبي بكر . نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه
ولأنها بهيمة لا تنجس بالذبح ، فلم يحرم أكلها كالنعم .
فأما الجواب عن الآية فمن وجهين :
أحدهما : أن تعيين بعض منافعها بالذكر لا يدل على ما عداه ، كما لا يحرم البيع والشراء .
والثاني : أنه خص الركوب في الخيل ، ولحوم الخيل ليست بخيل ، وليس جمعه بينها وبين الحمير موجبا لتساويهما في التحريم ، كما لم يتساويا في السهم من المغنم . وأما الجواب في الخبر فمن وجهين :
أحدهما : ضعف الحديث ، لأن الواقدي حكى أن خالد بن الوليد أسلم بعد فتح خيبر .
والثاني : أنه حرم أخذها من أهلها بالعهد ولم يرد تحريم اللحم .
وأما الجواب عن القياسين فمن وجهين :
أحدهما : أنهما يدفعان النص فأطرحا .
والثاني : أن العرف لما جرى بأكل الخيل ، ولم يجر عرف بأكل الآدميين والحمير فافترقا في الحكم ، وامتنع الجمع بينهما في التحريم .