مسألة : قال الشافعي فيما وضعه بخطه لا أعلمه سمع منه : " لم أر بأسا أن يأكل ما يرد به جوعه ويرد قيمته ، ولا أرى لصاحبه منعه فضلا عنه ، وخفت أن يكون أعان على قتله ، إذا خاف عليه بالمنع الموت " . إن مر المضطر بتمر أو زرع
قال الماوردي : أما سواء كانت بارزة أو من وراء جدار . غير المضطر إذا مر بثمرة غيره على نخلها أو شجرها ، لم يحل له أن يأكل منها بغير إذن مالكها
وقال بعض أصحاب الحديث : ينادي على الباب ثلاثا ، فإن أجابوه ، وإلا دخل ، وأكل ، ولم يدخر ، احتجاجا برواية نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أي : لا يحمل منه شيئا ، وهذا المذهب فاسد لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا مر أحدكم بحائط غيره ، فليدخل ، فليأكل ، ولا يتخذ خبنة . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه فنص على ألبان المواشي ، ونبه على ثمار النخل : لأن اللبن أسهل : لأنه مستخلف في كل يوم ، ومن الثمار ما لا يستخلف إلا من كل عام . لا يحلبن أحدكم ماشية أخيه بغير إذنه ، ضروع مواشيكم خزائن طعامكم ، أويحب أحدكم أن يدخل لخربة أخيه ، فيأخذ ما فيها بغير [ ص: 171 ] إذنه
فأما الخبر فمحمول على المضطر ، فأما سواقط النخل والشجر من الثمار ، وهو ما تساقط منها على الأرض : فإن كانت من وراء جدار قد أحرزها لم يجز للمار أن يتعرض لأخذها : لأن الحرز يمنع منها ، وإن كانت بارزة غير محرزة فإن لم تجر عادة أهلها بإباحتها حرم أخذها ، وإن جرت عادتهم بإباحتها كثمار النخل بالبصرة والمدينة ، فقد اختلف أصحابنا في العادة ، هل تجري مجرى الإذن في الإباحة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنها كالإذن ، فيحل لكل مار بها أن يأكل منها ، ولا يدخره ولا يتعرض لغير السواقط ، وقد حكي أن بعض العرب دخل حائطا بالمدينة ، فجعل يأكل من سواقط النخل ، فرآه صاحب الحائط ، فدعاه ، وعرض عليه الأكل ، فامتنع وقال : إنما هاج علي كلب الجوع ، فسكنته بتمرات .
والوجه الثاني : أن العادة لا تكون إذنا ، ولا يستبيح المار أكل السواقط إلا بإذن صريح كما لا يستبيح ما في النخل إلا بإذن صريح : لأن جميعه ملك لأربابه ، ونفوس الناس فيه مختلفة ، بالشح والسخاء ، فلم يكن عموم العرف فيه مقنعا .
حكم المضطر إذا مر بثمرة ونحوها