فصل : فأما الرمي ، فيعتبر في صحة عقده خمسة شروط أيضا :
أحدها : أن يكون الرامي مجانسة ، فيتناضلان بالنشاب أو بالحراب ، فإن كان أحدهما ينضل بالنشاب ، والآخر بالحراب ، لم يجز لتنافيهما ، لكن يجوز أحدهما مناضلا بالنشاب والآخر بالنبل : لأن كليهما سهم يخرج عن قوس .
والشرط الثاني : أن يكون بين المتناضلين مقاربة في الرمي والإصابة يحتمل أن يكون ناضلا ومنضولا ، ليعلم بالنضال أحذقهما ، فإن تفاوت ما بينهما ، فإن كان أحدهما أكثر سهامه صائبة ، والآخر أكثر سهامه خاطئة ، ففيه وجهان :
أحدهما : وهو مقتضى قول أبي إسحاق المروزي : لا يجوز : ويكون العقد بينهما باطلا : لأن حذقه معلوم بغير نضال ، فصار كالمستحق للمال بغير نضال .
والوجه الثاني : يجوز ، ويكون العقد بينهما صحيحا : لأن المال إذا استحق بعث على معاطاة الحذق .
والشرط الثالث : أن لا يتناضلا على جراح النفوس بالسهام والسلاح ، وليكن قصدهما إصابة غير ذات الأرواح ، لتحريم عقرها ، فإن شرط فيه جراحة النفوس بطل لحظره .
والشرط الرابع : أن يكون العوض معلوما من أعيان موجودة ، أو مال في الذمة موصوفا .
[ ص: 189 ] والشرط الخامس : أن يحفظ من دخول الجهالة في النضال على ما سنذكره في موضعه .


