الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا استقرت بينهما مع المحلل في الجري ، فيختار أن يكون في الموضع الذي ينتهي إليه السبق ، وهو غاية المدى قصب قد غرزت في الأرض تسميها العرب قصب السبق ، ليحوزها السابق منهم ، فيقلعها حتى يعلم بسبقه الداني والقاصي ، فيسقط به الاختلاف ، وربما كر بها راجعا يستقبل بها المسبوقين إذا كان مفضلا في السبق متباهيا في الفروسية ، وإذا كان كذلك فللمتسابقين والمحلل سبعة أحوال :

                                                                                                                                            إحداها : أن ينتهوا إلى الغاية على سواء لا يتقدمهم أحدهم : فليس فيهم سابق ولا مسبوق ، فيحوز كل واحد من المتسابقين سبق نفسه ، ولا يعطي ولا يأخذ ، ولا شيء للمحلل لأنه لم يسبق .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن يسبق المخرجان ، فيصلا معا على سواء ، ويتأخر المحلل عنهما ، فيحوز كل واحد من المخرجين سبق نفسه لاستوائهما في السبق ولا شيء للمحلل ، لأنه مسبوق .

                                                                                                                                            والحالة الثالثة : أن يسبق المحلل ، ويأتي المخرجان به بعده على سواء أو تفاضل ، فيستحق المحلل سبقي المخرجين لسبقه لهما .

                                                                                                                                            وهذه الأحوال الثلاث ليس يختلف فيها المذهب .

                                                                                                                                            والحالة الرابعة : أن يسبق أحد المخرجين ، ثم يأتي بعده المحلل والمخرج الآخر على سواء ، فيحوز السابق سبق نفسه ، فأما سبق المسبوق ، فمذهب الشافعي أنه يكون للسابق المخرج ، لأن دخول المحلل على مذهبه لتحليل الأخذ به ، فيأخذ إن كان سابقا ، ويؤخذ به إن كان مسبوقا ، وقد حصل السبق لغيره ، فوجب أن يكون أحق بأخذه ، فيكون جميعه للمخرج السابق .

                                                                                                                                            وعلى مذهب أبي علي بن خيران أن دخول المحلل ليأخذ ولا يؤخذ به ، يكون سباق المتأخر من المخرجين مقرا عليه ، لا يستحقه السابق من المخرجين لأنه يعطي ولا يأخذ ، ولا يستحقه المحلل ، لأنه لم يسبق .

                                                                                                                                            والحال الخامسة : أن يسبق المحلل وأحد المخرجين على سواء ، يحوز السابق من المخرجين سبق نفسه ، ويكون مال المخرج المسبوق على مذهب الشافعي بين [ ص: 196 ] المخرج السابق والمحلل ، وعلى مذهب ابن خيران يكون جميعه للمحلل دون المخرج السابق .

                                                                                                                                            والحالة السادسة : أن يسبق أحد المخرجين ثم المحلل بعده ثم المخرج الآخر بعد المحلل ، فعلى مذهب الشافعي يكون مال المسبوق للمخرج الأول لسبقه ، وعلى مذهب ابن خيران للمحلل دون السابق .

                                                                                                                                            والحالة السابعة : يسبق أحد المخرجين ثم يتلوه المخرج الثاني ، ويتأخر عنها المحلل : فعلى مذهب الشافعي : يستحق السابق مال المسبوق ، وعلى مذهب ابن خيران لا يستحقه السابق ، لأنه لا يأخذ ، ولا يستحقه المحلل ، لأنه لم يسبق ، ويكون مقرا على المسبوق ، ثم على قياس هذا في اعتبار المذهبين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية