مسألة : قال الشافعي : " ولو ، فليست بيمين إلا أن ينوي يمينا : لأن لله عليه عهدا أن يؤدي فرائضه ، وكذلك ميثاق الله بذلك وأمانته " . قال علي عهد الله وميثاقه
قال الماوردي : وهذا كما قال ، وقال أبو حنيفة ومالك : إذا قال : علي عهد الله أو قال : علي ميثاق الله أو جمع بينهما ، فقال : علي عهد الله وميثاقه ، كانا من صريح الأيمان ، فيكون يمينا في الأحوال الثلاث لما فيها من زيادة التغليظ على الأيمان بالعهد والميثاق ، وعلى مذهب الشافعي لا تكون يمينا إذا لم ينوها ؛ لأن عهد الله وميثاقه [ ص: 280 ] يحتمل أن يكون ما أوجبه من فروض أن تؤدى إليه ، ويحتمل أن يريد به ما أخذه الله من الذرية في ظهور الآباء من الاعتراف به في قوله تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى [ الأعراف : 172 ] ، ويحتمل أن يريد بها اليمين ، فلما كان هنا يحتمل وجوها وجب أن يرجع فيه إلى نيته وإرادته ، فإن أراد يمينا كانت يمينا ، وإن أراد غير اليمين لم تكن يمينا ، وإن لم تكن له إرادة وأطلق ، ففي إطلاقه وجهان :
أحدهما : أن إطلاقه يخرجه عن اليمين لأنه لم يقترن به عرف شرع ، وتكون غير يمين في حالتين ، ويمينا في حالة واحدة .
والوجه الثاني : أن إطلاقه يوجب أن تكون يمينا : لأن عرف الاستعمال في الخاصة والعامة قد صار جاريا ومحمولا بينهم على زيادة التغليظ ، كما يزيد في تغليظ الأيمان بالله الطالب الغالب ، وهذا قول أبي إسحاق المروزي ، فتكون يمينا في حالتين ، وغير يمين في حالة واحدة ، وإذا صار عهد الله وميثاقه يمينا ، وقد جمع بينهما وحنث لزمته كفارة واحدة .
وقال مالك : تلزمه كفارتان لوجوبها بكل واحد منهما ، فتضاعفت باجتماعهما ، وهذا ليس بصحيح ؛ لأنها يمين واحدة زادها تغليظا ، فلم تجب بها إلا كفارة واحدة كقوله : والله الطالب الغالب ، والله أعلم بالصواب .