الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من لغو اليمين لم تخل اليمين من أن تكون بالله تعالى أو بغيره ، فإن كانت بالله تعالى سبق بها لسانه وجرت بها عادته ، فقال : لا والله ، أو قال : بلى والله غير قاصد لعقد يمين فلا مأثم عليه ولا حنث ، ولو نزه لسانه منها كان أولى ، لئلا يجعل اسم الله تعالى عرضة ليمينه ، وقد قال الله تعالى : ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم [ البقرة : 224 ] ، فأما إن قال : لا والله ، بلى والله ، فجمع بينهما ، كان الأول لغوا : لأنها غير مقصودة وكانت الثانية منعقدة ؛ لأنها استدراك فصارت مقصودة ، فإن كانت اليمين بغير الله من طلاق وعتاق سبق بها لسانه لغوا من غير قصد ، ولا عقد دين فيها فلم يؤاخذ بها في الباطن ، وكان مؤاخذا بها في الظاهر ، بخلاف اليمين بالله في أنه لا يؤاخذ بلغوها في الظاهر ولا في الباطن : لأن كفارة الحنث بالله من حقوقه المحضة ، فاستوى فيها حكم الظاهر والباطن ، والحنث في الطلاق والعتاق والحقوق المشتركة بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين ، فلم يؤاخذ بها في الباطن لاختصاصه بحقوق الله ، وكان مؤاخذا بها في الظاهر لاختصاصه بحقوق الآدميين ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية