مسألة : قال الشافعي : " فإن ، فهو على الأبد لا يحنث حتى يموت أو تموت هي قبل أن يتزوج عليها ، وإن تزوج عليها من يشبهها أو لا يشبهها خرج من الحنث دخل بها أو لم يدخل بها ، وإن ماتت لم يرثها ، وإن مات ورثته في قول من يورث المبتوتة إذا وقع الطلاق في المرض ( قال قال : أنت طالق ثلاثا إن لم أتزوج عليك ولم يوقت المزني ) قد قطع في غير هذا الكتاب أنها لا ترث ( قال المزني ) وهو بالحق أولى : لأن الله تبارك وتعالى ورثها منه بالمعنى الذي ورثه به منها ، فلما ارتفع ذلك المعنى ، فلم يرثها لم يجز أن ترثه " .
قال الماوردي : وهو كما قال ، والحنث في هذه المسألة يخالف الحنث في التي تقدمها ؛ لأنه جعل تزويجه عليها في المسألة الأولى شرطا في وقوع الحنث ، وجعله في هذه المسألة شرطا في البر ، وإذا قال في هذه المسألة : إن لم أتزوج عليك فأنت طالق ، فإنه على التراخي لا يحنث إلا أن يفوته التزويج عليها بموته أو موتها ، فلو قال : إذا لم أتزوج عليك فأنت طالق كان على الفور يحنث إن أخر التزويج عليها ، والفرق بين إن وإذا في هذا الموضع ، حيث جعلنا إن على التراخي وإذا على الفور من وجهين :
أحدهما : بأن " إن " موضوعة للفعل ، فاعتبر فيه فوات الفعل بموت أحدهما ، فصار كقوله : إن فاتني التزويج عليك فأنت طالق ، و " إذا " موضوعة للزمان ، فاعتبر فيها إمكان الزمان ، فصار ، وهو فرق أكثر أصحابنا . كقوله : إذا مضى زمان التزويج عليك فأنت طالق
[ ص: 297 ] والفرق الثاني : ذكره أبو علي بن أبي هريرة أن " إن " موضوعة للشك فيما قد يكون ، فلم يثبت حكمها إلا بعد زوال الشك بالفوات فصارت على التراخي ، وإذا موضوعة لليقين فاعتبر فيها التعجيل فصارت على الفور .
فهذان الفرقان بين " إن " و " إذا " كانا على نفي فعل ، فقال : إن لم أتزوج ، وإذا لم أتزوج . وأما إذا كانا شرطا في إثبات فعل ، فقال : إن تزوجت عليك ، وإذا تزوجت عليك ، فهما سواء ، في أن الفعل متى وجد على الفور أو على التراخي ، تعلق به حكم ، واستوى فيه " إن " و " إذا " لأن ما تعلق بالفعل كان وجوده هو الشرط المعتبر ، فاستوى فيه الفور والتراخي ، فأما إذا جعلا شرطا في معاوضة الخلع ، فقال : إن أعطيتني ألفا فأنت طالق ، أو قال : إذا أعطيتني ألفا فأنت طالق ، فهما سواء في اعتبار العطية على الفور ، ويستوي حكم : " إن " و " إذا " : لأنه يغلب فيه حكم المعاوضة التي يعتبر الفور فيها ، وذلك على ما يقتضيه افتراق الحرفين ، ولو قال : متى أعطيتني ألفا ، فأنت طالق ، كان على التراخي بخلاف إن وإذا ؛ لأن لفظة " متى " صريحة في اعتبار الفعل ، فاستوى فيه حكم الفور والتراخي .