مسألة : قال الشافعي : " أو استوفى حقه فيما يرى فوجد في دنانيره زجاجا أو نحاسا حنث في قول من لا يطرح الغلبة والخطأ عن الناس لأن هذا لم يعمده " .
قال الماوردي : إذا أو [ ص: 386 ] رصاصا أو زجاجا لم يعلم به صار فيه كالمغلوب والناسي ، فيكون في حنثه قولان . استوفى حقه في الظاهر ثم وجد فيه بعد فراقه نحاسا
أحدهما : يحنث اعتبارا بوجود الفعل واطراحا للقصد .
والقول الثاني : لا يحنث اعتبارا بالقصد واطراحا للفعل .
وأما إذا وجده معيبا ، وهو من جنس الحق فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون عيبها يخرجها من انطلاق اسم الحق عليها ؛ لأن حقه دنانير مغربية ، فأعطاه دنانير مشرقية ، فتكون خلاف الصفة في اليمين جاريا مجرى خلاف الجنس ، فإن علم به قبل فراقه حنث ، وإن لم يعلم به إلا بعد فراقه كان حنثه على ما مضى من القولين .
والضرب الثاني : أن يكون عيبها لا يخرجها من انطلاق اسم الحق عليها ، بأن تكون دنانير مغربية لكنها معيبة نظر ، فإن كان عيبها مما يسمح به في الأغلب لقلة أرشه بر في يمينه ، وإن كان ضد ذلك لكثرة أرشه حنث .
فإن قيل : نقصان القدر موجب للحنث فيما قل وكثر ، فهلا كان نقصان الأرش بمثابته في وقوع الحنث بما قل أو كثر قيل : لأن نقصان القدر مستحق يمنع من التماثل في الربا ، ونقصان الأرش مظنون لا يمنع من التماثل في الربا ، ويمنع من البر في اليمين .
فإن قيل : فهذا ينكسر بكثير الأرش لا يمنع من التماثل في الربا ويمنع من البر في اليمين ، قيل : لأن الظن في كثيره أقوى ، وفي قليله أضعف فافترقا في بر اليمين ، وإن استويا في تماثل الربا .