مسألة : قال الشافعي : " هكذا لو وهبه له رب الحق حنث ، إلا أن يكون نوى أن [ ص: 389 ] لا يبقى علي غدا من حقك شيء فيبر " .
قال الماوردي : ولسقوط الحق عنه بغير أداء حالتان :
إحداهما : هبة تتوجه إلى الأعيان .
والثاني : إبراء يتوجه إلى الذمة ، فأما الهبة فهي تمليك محض لا يتم إلا بالقبول بعد البدل والقبض بعد العقد ، فإذا حلف ليقضينه حقه في غد أو ليدفعن إليه حقه في غد ، فوهبه صاحب الحق له حنث الحالف ؛ لأن الحق سقط بغير دفع ، وقد اختار التملك فصار مختارا للحنث ، فحنث ولو كان الحق في الذمة فأبرأه منه ، فإن قيل : إن الإبراء تمليك يقف على القبول حنث كالهبة ، وإن قيل : إنه إسقاط لا يفتقر إلى القبول ، ففي حنثه قولان ، كالمغلوب على الحنث ، ولكن لو بر في يمينه ؛ لأنه لم يبق له بعد الهبة ، والإبراء حق . قال : والله لا فارقتك ولي عليك حق ، فوهبه له أو أبرأه منه
ولو كان له عنده وديعة ، ففارقه قبل استرجاعها نظر مخرج يمينه ، فإن قال : لا أفارقك ولي عليك حق بر مع بقاء الوديعة ؛ لأنه ليست عليه ، وإن قال : لا أفارقك ولي عندك حق حنث ببقاء الوديعة ؛ لأنها حق له عنده .
ولو كان له عنده عارية حنث في الحالين سواء قال : عليه أو عنده ؛ لأن عليه ضمانها وعنده عينها .