الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت ما قررنا من هذا الأصل ، وجب اعتباره في جميع الأيمان ، ليسلم من الإشكال فإذا حنث في اللحم بكل لحم من معتاد ونادر ، فقد اختلف [ ص: 417 ] أصحابنا : هل يحمل على عمومه في المباح والمحظور ؟ أو يكون مخصوصا في المباح دون المحظور ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه على العموم في المباح والمحظور ، فيحنث بلحم الكلب والخنزير اعتبارا بعموم الاسم ، ولا يختص بالحظر ، كما يحنث باللحم المغصوب ، وإن كان محظورا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه محمول على المباح دون المحظور ، فلا يحنث بلحم ما حرم من كلب أو خنزير أو وحش أو حمار أهلي ؛ لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لما خصت الأيمان بعرف الاستعمال ، كان أولى من أن تخص بعرف الشرع ؛ لأنه ألزم .

                                                                                                                                            والثاني : أنه قصد باليمين أن حظر على نفسه ما استبيح بغير يمين ، فخرج المحظور من قصد اليمين ، فلم يحنث به .

                                                                                                                                            وأما المغصوب فهو من جنس المباح ، وأنه حظر المعنى خاص ، فأجرى عليه حكم العموم في الإباحة .

                                                                                                                                            ولا فرق فيما يحنث بأكله من اللحم بين أن يأكله مشويا أو مطبوخا أو نيئا ، وقال بعض الفقهاء - وأظنهمالكا - : إنه لا يحنث بأكله نيئا ، حتى يطبخ أو يشوى ؛ اعتبارا بالعرف في أكله . وهذا الاعتبار فاسد من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الطبخ صفة زائدة ، يقصد بها الاستطابة ، فلم يجز اعتبارها في المطلق ، كما لا يعتبر به المستطاب المستلذ .

                                                                                                                                            والثاني : أن حقيقة الأكل ما لاكه مضغا بفمه ، وازدرده إلى جوفه .

                                                                                                                                            وهذا موجود في النيء ، كوجوده في المطبوخ والمشوي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية