فصل : وسأوضح في الأيمان أصلا يحمل عليه أحكامها ، ليسلم من هذا الاختلاف ، فأقول : إن
فإن كان الاسم مجملا كقوله في الإثبات : والله لأفعلن شيئا ، وفي النفي : والله لا فعلت شيئا ، فاسم الشيء يعم كل مسمى ، فلا يحمل على جميع الأسماء لخروجها من القدرة والعرف ، ووجب أن يحمل على بعضها ، ولا يتعين بعضها إلا بالبيان ، فوجب أن يرجع فيها إلى بيانه ، وله حالتان : كل يمين انعقدت على اسم يعتبر به البر والحنث لم يخل ذلك الاسم من أمرين مجمل ومفسر .
إحداهما : أن يكون له نية وقت يمينه ، فيحمل إجمال يمينه على نيته ، فيصير بالنية مفسرا ، وبالقول مخبرا ، كأنه أراد بقوله : لا فعلت شيئا ؛ أي لا دخلت هذه الدار ، وبقوله : لأفعلن شيئا أي : لأدخلن هذه الدار ، فتعلق بره وحنثه بدخول الدار ، سواء تقدم على بيانه أو تأخر ، ولا يتعلق بغيره من الأشياء ، بر ولا حنث .
والحال الثانية : أن لا تكون له نية وقت يمينه ، فله أن يعينها بعد اليمين فيمن شاء ، ويعمل فيها على خياره ، كمن قال لنسائه : إحداكن طالق ، ولم يعين واحدة ، كان له تعيين الطلاق فيمن شاء منهن ، وإن كان التعيين على خياره ، فاليمين على ضربين :
أحدهما : أن يكون قد حلف بطلاق أو عتاق ، فيؤخذ حتما بتعيين يمينه ، فيما يختاره من الأشياء ، لتعلق حق الآدمي بها .
والضرب الثاني : أن يكون قد حلف بالله ، فلا يجبر على تعيين ما يختاره ، وتكون موقوفة على إرادته في التعيين متى شاء ، ولا حنث فيها قبل التعيين .
[ ص: 431 ] فإذا عينها باختياره فجعل قوله : لأفعلن شيئا معينا في أن يركب هذه الدابة ، وقوله : لا فعلت شيئا معينا في أن يركب هذه الدابة ، صار هذا التعيين هو المراد باليمين ، فتعلق به البر والحنث دون غيره .
وإذا كان كذلك لم يخل أن يكون قد وجد منه ركوب الدابة قبل التعيين ، أو لم يوجد ، فإن لم يوجد ركوبها قبل التعيين تعلق البر والحنث بما يستأنفه من ركوبها بعد التعيين .
وإن كان قد ركبها قبل التعيين ، ففي وقوع البر والحنث به وجهان مبنيان على تعيين الطلاق المبهم في واحدة من نسائه ، هل يوجب وقوعه وقت اللفظ أو وقت التعيين .
أحد الوجهين : يقع الطلاق باللفظ المتقدم ، فعلى هذا يتعلق البر والحنث بما تقدم من الركوب قبل التعيين ، ولا يتعلق بما تأخر عنه بر ولا حنث .
والوجه الثاني : يقع الطلاق وقت التعيين ، فعلى هذا يتعلق البر والحنث بالركوب بعد التعيين ، ولا يتعلق بما تقدمه بر ولا حنث .