مسألة : قال الشافعي : " ولو حنث إلا أن يكون نوى غير ذلك فلا يحنث " . حلف ما له مال وله عرض أو دين
قال الماوردي : اعلم أن الأموال ضربان : أعيان ، وديون .
فأما الأعيان فجميعها أموال متمولة إذا صح أن تملك بعوض ، ويزال الملك عنها بعوض سواء كان من الأعيان المزكاة كالذهب والفضة والمواشي والزروع ، أو كان غير مزكى كالثياب والأثاث والعقار .
فإذا حلف : ما له مال ، حنث بجميعها .
وقال أبو حنيفة : المال ما وجب فيه الزكاة ، وليس بمال ما لم تجب فيه الزكاة .
وقال مالك : المال هو الذهب والفضة دون غيرهما ، ولا يحنث في اليمين إلا بهما ، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى : خذ من أموالهم صدقة [ التوبة : 103 ] ، وبقوله تعالى : والذين في أموالهم حق معلوم [ المعارج : 24 ] ، فدل على أن ما لا [ ص: 450 ] زكاة فيه خارج من اسم المال ؛ لخروجه من حكم الزكاة .
ودليلنا قول الله تعالى : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن [ الأنعام : 152 ] ، وقال تعالى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما [ النساء : 10 ] ، ومعلوم أن هذا الحظر متناول لجميع الأصناف ، فدل على أن جميعها أموال .
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : يريد بالسكة النخيل المصطفة ، ومنه سمي الدرب سكة ؟ لامتداده . وخير المال سكة مأبورة ، ومهر مأمورة
والمأبورة هي التي يؤبر ثمرها ، والمهرة المأمورة هي الكثيرة النسل ، فجعل النخل والخيل من الأموال ولأن الأعيان المتمولة في العادة تكون أموالا كالزكاة ؛ ولأن حقيقة المال ما يقتنى ويتمول ، وهذا المعنى موجود في غير الزكاة كوجوده في المزكى .
فأما الجواب عن الآيتين ، فهو أن العموم وإن تناول جميعها ، فهو مخصوص في الزكاة ببعضها مع بقاء الاسم في الخصوص ، كما بقي اسم السارق على من سرق أقل من نصاب ، وإن خص بسقوط القطع عنه .