فصل : وأما الفصل الثاني في وصول جميعها إلى بدنه ، فمعتبر بلفظه ، فإن أن لا يصل جميعها إلى بدنه ؛ لأنه قد صار ضاربا له بمائة سوط ؛ لأن دخول الباء على العدد تجعله صفة لآلة الضرب ، ولا تجعله صفة لعدد الضرب . قال : أضربك بمائة سوط جاز ، إذا جمعها وضربه بها
وإن قال : أضربك مائة سوط ، وحذف الباء من العدد لبر بإيصال جميعها إلى بدنه ؛ لأنه جعله صفة لعدد الضرب دون الآلة .
وإذا كان من شرط البر وصول جميعها إلى بدنه لم يخل حاله في جمعها وضربه بها دفعة من ثلاثة أحوال :
[ ص: 453 ] أحدها : أن يعلم وصول جميعها إلى بدنه ، فيكون بارا .
والحال الثانية : أن يعلم أن بعضها لم يصل إلى بدنه ، فلا يكون بارا .
والحال الثالثة : أن يشك هل وصل جميعها أو لم يصل ، فمذهب الشافعي أنه يكون بارا ؛ لأن الظاهر من وقوعها على البدن أنه لم يحل عنه حائل ، فحمل على البر في الظاهر ، ولم يحنث بالشك .
وقال أبو حنيفة والمزني : لا يبر بشكه في البر .
واستدل المزني بما قاله الشافعي فيمن حلف ليفعلن كذا الوقت إلا أن يشاء فلان ، فإن مات فلان أو غاب ، حتى مضى الوقت حنث ، فلم يجعله بالشك في المشيئة بارا ، فكيف جعله بالشك في وصول الضرب بارا ؟
والجواب عنه أنه جعل المشيئة شرطا في حل اليمين ، وقد انعقدت فلم تخل بالشك مع عدم الظاهر فيه ، وجعل وصول الضرب شرطا في البر ، فلم يحنث بالشك ؛ اعتبارا بالظاهر فيه . والله أعلم .