فصل : فأما فالصدقة ضربان فرض وتطوع ، فإن كانت فرضا كالزكاة والكفارة لم يحنث بها اتفاقا لخروجها عن تبرع الهبات ، ولو كانت تطوعا كانت هبة يحنث بها . إذا تصدق عليه بالصدقة ،
وقال أبو حنيفة : ليست من الهبات ، ولا يحنث بها ؛ احتجاجا بأمرين :
أحدهما : اختلافهما في الاسم لأن لكل واحد منهما اسما .
والثاني : لاختلافهما في الحكم ، لأن لكل واحد منهما حكما .
ودليلنا أمران :
أحدهما : لاتفاقهما في التبرع ؛ لأن كل واحد منهما متبرع .
والثاني : لاتفاقهما في سقوط البدل ؛ لأن كل واحد منهما على غير بدل ؛ فأما اختلافهما في الاسم ؛ فلأن الصدقة نوع في الهبة ، فدخلت في اسم العموم ، وأما اختلافهما في الحكم فهما فيه عندنا سواء ؛ وإنما تختلف في المقاصد . فالهدية لمن علا [ ص: 455 ] قصدا لاستعطافه ، والهبة لمن كافأ قصدا لمحبته ، والصدقة على من دنا قصدا لثوابه ، والنحل على من ناسب قصدا لبره ، ولا يمنع اختلافهما في المقاصد من تساويهما في الحكم ، والله أعلم .