مسألة : قال الشافعي : ولو وجب عليه صوم شهرين متتابعين صامهما ، وقضى كل أثانين فيهما ولا يشبه شهر رمضان لأن هذا شيء أدخله على نفسه بعدما وجب عليه صوم الأثانين وشهر رمضان أوجبه الله عليه لا بشيء أدخله على نفسه " .
قال الماوردي : إذا صام أثانين الشهرين المتتابعين عن كفارته ، دون نذره ، لأن قضاء أثانين نذره ممكن وقضاء تتابع صيامه بغير الأثانين غير ممكن ، وما أمكن معه أداء الحقين كان أولى من إسقاط أحدهما بالآخر ، فإذا فعل هذا ، وصام أثانين الشهرين عن كفارته ، حتى تتابع شهرا صيامه أجزأته عن الكفارة ، وإن كان صيام أثانينه مستحقا عن غيرها ، لما قدمنا من التعليل . اجتمع عليه صوم الأثانين عن نذر ، وصوم شهرين متتابعين عن كفارة ،
فأما قضاء أثانينه عن النذر فمعتبر بأسبقهما وجوبا ، فإن تقدم وجوب النذر على وجوب الكفارة وجب عليه أن يقضي أثانين الشهرين عن نذره ، لأنه أدخله على نفسه بإيجاب الكفارة ما منعه من صيام النذر قضاء كالفطر بعذر ، أو غير عذر ، فإن تقدم وجوب الكفارة على وجوب النذر ففي قضاء أثانين الكفارة وجهان :
أحدهما : لا يلزمه قضاؤها ، لتقدم استحقاقها عنه كأثانين رمضان .
والوجه الثاني : يلزمه قضاؤها بخلاف أثانين رمضان ، لأنه أدخل وجوب الكفارة على نفسه ، وقد التزم بالنذر أثانينها فقضاها ، لأن الشرع لم يستثنها ، وصيام رمضان [ ص: 500 ] أوجبه الله تعالى عليه ، فلم يقض أثانينه ، لأن الشرع قد استثناها ، والله أعلم .