الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        897 [ ص: 80 ] 852 - مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، عن حفصة أم المؤمنين أنها قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما شأن الناس حلوا ، ولم تحلل أنت من عمرتك ؟ فقال : " إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي ، فلا أحل حتى أنحر " .

                                                                                                                        [ ص: 83 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        18135 - وأما قول حفصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( ما بال الناس حلوا ولم تحلل أنت ) فالمعنى فيه أنه أمر أصحابه المحرمين بالحج أن يحلوا إذا طافوا وسعوا ويجعلوا حجهم ذلك عمرة إلا من كان معه هدي فإن محله محل هديه ، وإنه لا يحل حتى ينحر هديه ، ولم تعرف حفصة من أمره هذا فسألته .

                                                                                                                        [ ص: 81 ] 18136 - وقد مضى قولنا في أن فسخ الحج في العمرة ليس - عند جمهور العلماء - لأحد بعد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين أمروا به .

                                                                                                                        18137 - ودللنا على أنهم خصوا بذلك على ما ذكرناه من الآثار في ذلك ، وذكرنا العلة الموجبة ( عليه السلام ) أصحابه بفسخ الحج في العمرة ، وأن يحل الحل كله إنما كان ليريهم أن العمرة في أشهر الحج جائزة ، وكانوا يرون ذلك محرما ، فأعلم بجواز ذلك ليدينوا به بغير ما يدينون به في الجاهلية ، ويدركوا في عامهم ذلك ويكونوا متمتعين ؛ لأن الله ( عز وجل ) قد أذن في التمتع بالعمرة إلى الحج ، وإباحته مطلقة ، وكذلك القران والإفراد ، كل ذلك مباح بكتاب الله - تعالى - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولم يأت في الكتاب ولا في السنة أن بعضها أفضل من بعض . فهذا معنى قول حفصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( ما بال الناس حلوا ولم تحلل أنت ) .

                                                                                                                        18138 - وكان أمره - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالإحلال محالهم في دخول مكة قبل أن يطوفوا ، وذلك موجود محفوظ في حديث يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة لا نرى إلا الحج ، فلما دنونا من مكة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت أن يحل .

                                                                                                                        [ ص: 82 ] 18139 - قال أبو عمر : يعني بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة . وهي العمرة .

                                                                                                                        18140 - وذلك أيضا محفوظ في حديث جابر من رواية عطاء وغيره : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة ويطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحلقوا أو يقصروا ويحلوا إلا من كان معه هدي .

                                                                                                                        18141 - وهذا يرفع الإشكال فيما قلنا والحمد لله .



                                                                                                                        [ ص: 83 ] 18142 - وأما قول حفصة : ( ولم تحلل أنت من عمرتك ) ، فقد ظن بعض الناس أن قولها : من عمرتك لم يقله في هذا الحديث غير مالك . وأظنه رأى رواية من رواه فقصر في ذلك ولم يذكر في الحديث ( من عمرتك ) ، فظن أنه لم يقله غير مالك ; لأنه لم يذكر ابن جريج عن نافع في حديثه هذا ، وقد ذكره البخاري عن مسدد ، عن يحيى القطان ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر فلم يذكر فيه : ( من عمرتك ) ، وهي لفظة محفوظة في هذا الحديث من رواية مالك ، وعبيد الله ، وغيرهما عن نافع .

                                                                                                                        18143 - فأما رواية مالك فلم يختلف عنه في ذلك .

                                                                                                                        18144 - وأما رواية عبيد الله ، فقال : 18145 - حدثني سعيد بن نصر قال : حدثني قاسم بن أصبغ قال : حدثني محمد بن وضاح قال : حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثني أبو أسامة قال : حدثني عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك ؟ قال : " إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر " .

                                                                                                                        18146 - وحدثني عبد الوارث بن سفيان قراءة مني عليه أن قاسم بن [ ص: 84 ] أصبغ حدثه قال : حدثني بكر بن حماد قال : حدثنا مسدد بن مسرهد قال : حدثني يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله قال : حدثني نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة قالت : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك ؟ قال : " إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر في الحج " .

                                                                                                                        18147 - وأخبرنا عبد الله بن محمد ، وعبد الرحمن بن عبد الله قالا : حدثني أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك قال : حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي قال : حدثني يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله قال : حدثني نافع ، عن عبد الله بن عمر ، عن حفصة ابنة عمر ، قالت : لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه أن يحللن بعمرة قلت : فما يمنعك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تحل معنا ؟ قال : " إني قد أهديت ولبدت فلا أحل حتى أنحر هديي " .

                                                                                                                        18148 - ورواه سفيان بن عيينة ، عن أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما شأن الناس حلوا ولم تحلل أنت ؟ قال : " إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلست محلا إلا محل هديي " .

                                                                                                                        18149 - قال أبو عمر : لم يقم إسناده أيوب بن موسى ، والقول فيه قول [ ص: 85 ] مالك ومن تابعه .

                                                                                                                        18150 - وذكر : ( عمرتك ) وتركه في هذا الحديث سواء ؛ لأنه معلوم أن المأمورين بالحل هم المحرمون بالحج ليفسخوه في عمرة كما تقدم ذكرنا له ، ويستحيل أن يأمر بذلك المحرمين بعمرة ; لأن المعتمر يحل بالطواف والسعي ، والخلاف ليس في ذلك شك عنهم في الجاهلية والإسلام ولا عند من بعدهم . وقد اعتمروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرفوا حكم العمرة في الشريعة ، فلم يكن ليعرفهم شيئا في علمهم بل عرفهم بما أحله الله لهم في عامهم ذلك من فسخ الحج في عمرة فما كانوا جهلوه ، وأنكروه من جواز العمرة في زمن الحج حتى قال بعضهم يتوجه إلى منى ولم يكونوا في الجاهلية يتمتعون بالعمرة إلى الحج ولا يعتمرون في أشهر الحج ، ولا يخلطون عمرة مع حجة ولا يجمعونها فأتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله في الحج بغير ما كانوا عليه في جاهليتهم وصدع بما أمر به ، وأوضح معالم الدين - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله أجمعين .

                                                                                                                        18151 - فحديث حفصة هذا يدل ، والله أعلم ، على القران ؛ لأن هدي القران يمنع من الإحلال ، وليس كذلك ما ساقه المفرد ؛ لأن هدي المفرد هدي [ ص: 86 ] تطوع لا يمنع شيئا ، ولولا هديه المانع له من الإحلال لحل مع أصحابه ، ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة " يعني عمرة مفردة يتمتع فيها بالحل إلى يوم التروية على ما أمر به أصحابه . ومن ساق هديا لمتعته من الحل .

                                                                                                                        18152 - وقد بينا أن قوله ( عليه السلام ) لأصحابه : من لم يكن معه هدي فليحل ، كان قبل الطواف للقدوم بدليل حديث عائشة ، قولها : فلما دنونا من مكة ، وكذلك حديث جابر على ما تقدم ذكره .

                                                                                                                        18153 - وهذا كله ينفي أن يكون هديه هدي متعة لأنه لو كان هدي متعة لحل حينئذ مع أصحابه ، ولم يكن ليخالفهم ويعتذر إليهم فيقول : " لولا أني سقت الهدي لأحللت " وهدي المتعة لا يمنع من الإحلال عند أهل الحجاز .

                                                                                                                        18154 - قال مالك والشافعي : المعتمر يحل من عمرته إذا طاف وسعى ساق هديا أو لم يسق .

                                                                                                                        18155 - وقال أبو حنيفة : إذا ساق المعتمر في أشهر الحج هديا وهو يريد المتعة لم ينحره إلا بمنى ، وطاف وسعى وأقام إحراما ولا يحل منه شيء ولا يحلق ولا يقصر لأنه ساق معه الهدي فمحله محل الهدي لا يحل حتى ينحر الهدي .

                                                                                                                        [ ص: 87 ] 18156 - قالوا : ولو لم يسق الهدي كان له أن يحل من عمرته ، واحتجوا بحديث حفصة أيضا : " ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك " فلم ينكر عليها قولها ، وقال لها : " إني قلدت هديي ولبدت رأسي فلا أحل حتى أحل من الهدي " .

                                                                                                                        18157 - وحجة مالك والشافعي ومن قال بقولهما ظاهر قول الله - تعالي - فمن تمتع بالعمرة إلى الحج [ البقرة : 196 ] ومعلوم أنه لا يكون متمتعا بالعمرة إلى الحج إلا من حل من إحرامه وتمتع بالإحرام إلى أن يحرم لحجه يوم التروية .

                                                                                                                        18158 - وأما هدي القران فإنه مانع من الإحلال والفسخ عند الجمهور السلف والخلف إلا ابن عباس .

                                                                                                                        18159 - وتابعته فرقة إذا لم يسق الهدي جاز له فسخ الحج في العمرة .

                                                                                                                        18160 - قال على ما قدمنا من مذهبه في ذلك : روى خصيف ، عن طاوس ، وعطاء ، عن ابن عباس : أنه كان يأمر القارن أن يجعلها عمرة إذا لم يسق الهدي .

                                                                                                                        18161 - قال أبو عمر : قول ابن عباس يحتمله قول النبي ( عليه السلام ) حين أمر أصحابه بفسخ الحج في العمرة : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولحللت - يعني فسخت الحج من العمرة كما أمرتكم .

                                                                                                                        [ ص: 88 ] 18162 - وقد أوضحنا أن فسخ الحج خصوص لهم بالآثار المروية في ذلك ، وعلى هذا لقول الله تعالي وأتموا الحج والعمرة لله [ البقرة : 196 ] وبالله التوفيق .

                                                                                                                        18163 - قال أبو عمر : وهدي القران يمنع من الإحلال عند جماعة فقهاء الأمصار وجمهور أهل العلم فالأولى بمن يرون الإنصاف ألا يشكوا في حديث حفصة هذا أنه دال على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قارنا مع ما يشهد له من حديث أنس وغيره أنه كان قارنا وقد ذكرناها في باب القران .

                                                                                                                        18164 - وإنما اختار مالك ( رحمه الله ) الإفراد ، ومال إليه لأنه روي من وجوه عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج .

                                                                                                                        18165 - مال إلى ما روى وهذا اللازم له ولغيره أن يقف عند ما علم ، وحكمه على اختيار الإفراد أيضا مع علمه باختلاف الناس في اختيار القران والتمتع .

                                                                                                                        18166 - والإفراد ما صح عنده عن الخليفتين أبي بكر وعمر ( رضى الله عنهما ) أنهما أفردا الحج ، وعن عثمان مثل ذلك أيضا .

                                                                                                                        18167 - وكان عمر ينكر ذلك وينهى عنه ويقول : افصلوا بين حجكم وعمرتكم فهو أتم لحج أحدكم أن تكون عمرته في غير أشهر الحج .

                                                                                                                        [ ص: 89 ] 18168 - فاختيار مالك هو اختيار أبي بكر ، وعمر وعثمان ( رضي الله عنهما ) ، وكان مالك يقول : إذا اختلفت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء فانظروا إلى ما عمل به الخليفتان بعده أبو بكر وعمر ، فهو الحق .

                                                                                                                        18169 - قال أبو عمر : يعني الأولى والأفضل لا أن ما عداه باطل ؛ لأن الأمة مجتمعة على أن الإفراد والقران والتمتع كل ذلك جائز في القرآن والسنة والإجماع ، وأنه ليس منها شيء باطل بل كل ذلك حق ودين وشريعة من شرائع الإسلام في الحج ، ومن مال منها إلى شيء فإنما مال برأيه إلى وجه تفضيل اختاره وأباح ما سواه .

                                                                                                                        18170 - وجائز أن يقال : أفرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج بمعنى أمر به فأذن فيه كما قيل رجم ماعزا ، وقتل عقبة بن أبي معيط ، وقطع في مجن .

                                                                                                                        18171 - ويبين هذا المعنى قوله تعالى : ونادى فرعون في قومه [ الزخرف : 51 ] المعنى أنه أمر بذلك .

                                                                                                                        18172 - ومن ذهب إلى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مفردا تأول في حديث حفصة : ما بال الناس حلوا من إحرامهم ولم تحل أنت من إحرامك الذي ابتدأته معهم .

                                                                                                                        18173 - وقال بعضهم : قد تأتي ( من ) بالباء كما قال الله ( عز وجل ) يحفظونه من أمر الله [ الرعد : 11 ] أي بأمر الله . يريد ولم تحل أنت بعمرة من إحرامك الذي جئت به مفردا في حجتك .

                                                                                                                        [ ص: 90 ] 18174 - ومن اختار القران مال فيه إلى أحاديث منها حديث شعبة قال : حدثني حميد بن هلال قال : سمعت مطرف بن الشخير يقول : قال لي عمران بن حصين : جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حج وعمرة ، ولم ينه عنه بعد ذلك قال رجل برأيه ما شاء الله .

                                                                                                                        18175 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن أمية قال : حدثني حمزة قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ، قال حدثني هشيم قال : أخبرنا عبد العزيز بن صهيب ، وحميد الطويل ، ويحيى بن أبي إسحاق ، كلهم عن أنس أنهم سمعوه يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لبيك عمرة وحجا " .

                                                                                                                        [ ص: 91 ] وأخبرنا عبد الله قال : حدثني حمزة قال : حدثني أحمد بن شعيب قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن جعفر قال : أخبرني يحيى بن معين قال : حدثني حجاج - وهو الأعور - قال : حدثني يونس بن إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : كنت مع علي ( رضي الله عنه ) حين أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليمن فأصبت معه أواقي ، فلما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال علي : وجدت فاطمة قد نضحت البيت بنضوح قال : فتخطيته فقالت لي : ما لك فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أصحابه أن يحلوا قال : قلت : إني أهللت بإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم قال : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم فقال لي : " كيف صنعت ؟ " قلت : إني أهللت بما أهللت قال : " فإني سقت الهدي وقرنت " .

                                                                                                                        18177 - أخبرنا خلف بن قاسم قال : حدثني عبد الله بن محمد بن ناصح قال : حدثني أحمد بن علي بن سعيد القاضي قال : حدثني يحيى بن [ ص: 92 ] معين قال : حدثني حجاج بن محمد قال : حدثني يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : كنت مع علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) حين أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليمن فلما قدم على النبي - صلي الله عليه وسلم - قال علي : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي : كيف صنعت ؟ " فقلت : أهللت بإهلالك قال : " فإني سقت الهدي وقرنت " قال : وقال لأصحابه : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما فعلتم ، ولكنى سقت الهدي وقرنت " .

                                                                                                                        18178 - قال أبو عمر : فهذا أنس يخبر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي بالعمرة والحج معا . وعلي يخبر أنه سمعه يقول : سقت الهدي وقرنت " .

                                                                                                                        18179 - وليس يوجد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه صحيح إخبار عن نفسه أنه أفرد ، ولا أنه تمتع وإنما يوجد عن غيره إضافة ذلك إليه بما يحتمل التأويل .

                                                                                                                        18180 - وهذا لفظ يدفع الإشكال ، ويدفع الاحتمال ، وبالله التوفيق وهو المستعان .

                                                                                                                        18181 - ومما يدل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قارنا : حديث مالك عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام [ ص: 93 ] حجة الوداع فأهللنا بعمرة ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا " .

                                                                                                                        18182 - ومعلوم أنه كان معه هدي ، وأنه لم يحل حتى نحر الهدي وبالله التوفيق ، وهو حسبي ونعم الوكيل .




                                                                                                                        الخدمات العلمية