الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        961 917 - مالك ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب مولى عبد الله بن عباس ، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بامرأة وهي في محفتها فقيل لها : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأخذت بضبعي صبي كان معها ، فقالت : ألهذا حج يا رسول الله قال : نعم ، ولك أجر " .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        19064 - هكذا روى يحيى هذا الحديث مرسلا ، وتابعه أكثر الرواة " للموطأ " .

                                                                                                                        19065 - ورواه ابن وهب ، وأبو مصعب ، والشافعي ، وابن عثمة ، وعبد الله بن يونس التنيسي ، عن مالك ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، عن النبي - عليه السلام - .

                                                                                                                        [ ص: 329 ] 19066 - وقد ذكرنا في " التمهيد " الاختلاف على إبراهيم بن عقبة وعلى محمد بن عقبة أيضا في هذا الحديث .

                                                                                                                        19067 - وهو حديث مسند صحيح ; لأنه حديث قد أسنده ثقات ، ليسوا بدون من قطعه .

                                                                                                                        19068 - والمحفة شبيهة بالهودج ، وقيل : لا غطاء عليها .

                                                                                                                        19069 - والضبع : باطن الساعد .

                                                                                                                        19070 - وفي هذا الحديث من الفقه الحج بالصبيان .

                                                                                                                        19071 - وأجازه جماعة العلماء بالحجاز والعراق ، والشام ، ومصر ، وخالفهم في ذلك أهل البدع ، فلم يروا الحج بهم ، وقولهم مهجور عند العلماء ; لأن [ ص: 330 ] النبي - عليه الصلاة والسلام - حج بأغيلمة بني عبد المطلب ، وقال في الصبي : " له حج وللذي يحجه أجر " .

                                                                                                                        19072 - وحج أبو بكر بابن الزبير في خرقة .

                                                                                                                        19073 - قال عمر : تكتب للصبي حسناته ، ولا تكتب عليه السيئات .

                                                                                                                        19074 - وحج السلف قديما وحديثا بالصبيان ، والأطفال ، يعرضونهم لرحمة الله .

                                                                                                                        19075 - وروى أبو داود قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، وإذا بلغ عشرا ، فاضربوه عليها " .

                                                                                                                        [ ص: 331 ] 19076 - فكما تكون له صلاة ، وليست عليه ، كذلك يكون له حج ، وليس عليه .

                                                                                                                        19077 - وأكثر أهل العلم يرون الزكاة في أموال اليتامى ، ومحال ألا يؤجروا عليها ; فالقلم إنما هو مرفوع عنهم فيما أساءوا في أنفسهم ، ألا ترى أن ما أتلفوه من الأموال ، ضمنوه ، وكذلك الدماء ، عمدهم فيها خطأ ، يؤديه عنهم من يؤديه عن الكبار في خطئهم .

                                                                                                                        19078 - وأجمع العلماء أن من حج صغيرا قبل البلوغ ، أو حج به طفلا ، ثم بلغ ، لم يجزه ذلك عن حجة الإسلام .

                                                                                                                        19079 - وقد شذت فرقة فأجازوا له حجة بهذا الحديث وليس عند أهل العلم بشيء ; لأن الفرض لا يؤدى إلا بعد الوجوب .

                                                                                                                        19080 - وهذا ابن عباس هو الذي روى هذا الحديث عن النبي - عليه الصلاة والسلام - وهو الذي كان يفتي بالصبي يحج ، ثم يحتلم قال : يحج حجة الإسلام .

                                                                                                                        19081 - وفي المملوك يحج ، ثم يعتق ، قال عليه الحج .

                                                                                                                        19082 - ذكر عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي السفر ، [ ص: 332 ] عن ابن عباس وعن ابن عيينة ، عن مطرف ، عن ابن عباس مثله ، وعن الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس مثله .

                                                                                                                        19083 - وعلى هذا جماعة علماء الأمصار ، إلا داود بن علي ; فإنه خالفه في المملوك ، فقال : يجزئه حجة الإسلام ، ولا يجزئ الصبي .

                                                                                                                        19084 - وذكر عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، أنه أخبره عن عطاء قال : يقضي حجة الصغير عنه ، فإذا بلغ ، فعليه حجة واجبة .

                                                                                                                        19085 - قال : وأخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه مثله .

                                                                                                                        19086 - واختلف الفقهاء في المراهق ، والعبد يحرمان بالحج ، ثم يحتلم هذا ، ويعتق هذا ، قبل الوقوف بعرفة .

                                                                                                                        19087 - فقال مالك : لا سبيل إلى رفض الإحرامين لهذين ، ولا لأحد ، ويتماديان على إحرامهما ولا يجزئهما حجهما ذلك عن حجة الإسلام .

                                                                                                                        19088 - وقال الشافعي : إذا أحرم الصبي ، ثم بلغ قبل الوقوف بعرفة ، فوقف بها محرما ، أجزأه ذلك من حجة الإسلام ، ولم يحتج واحد منهما إلى تجديد إحرامه .

                                                                                                                        [ ص: 333 ] 19089 - وقال أبو حنيفة : إذا أحرم الصبي ، ثم بلغ في حال إحرام ، فإن جدد إحراما قبل وقوفه بعرفة ، أجزأه ، وإن لم يجدد إحراما ، لم يجزئه .

                                                                                                                        19090 - قال : وأما العبد فلا يجزئه من حجة الإسلام وإن جدد إحراما .

                                                                                                                        19091 - وقد ذكرنا وجه قول كل واحد منهم وحجته في " التمهيد " .

                                                                                                                        19092 - وقال مالك : يحج بالصغير ، ويجرد بالإحرام ، ويمنع من الطيب ، ومن كل ما يمنع منه الكبير ، فإن قوي على الطواف ، والسعي ، ورمي الجمار ، وإلا طيف به محمولا ، ورمي عنه ، وإن أصاب صيدا فدي عنه ، وإن احتاج إلى ما يحتاج إليه الكبير ، فعل به ذلك ، وفدي عنه .

                                                                                                                        19093 - وهذا كله قول الشافعي ، وأبي حنيفة ، وجماعة الفقهاء ، إلا أن أبا [ ص: 334 ] حنيفة قال : لا جزاء عليه في صيد . ولا فدية عليه في لباس ولا طيب .

                                                                                                                        19094 - وقال ابن القاسم : تجريده يغني عن التلبية عنه ، لا يلبي عنه أحد ، إلا أن يتكلم ، فيلبي عن نفسه .

                                                                                                                        19095 - قال : وقال مالك : لا يطوف به أحد لم يطف طوافه الواجب ; لأنه يدخل طوافين في طواف .

                                                                                                                        19096 - وقال ابن القاسم ، عن مالك : أرى أن يطوف لنفسه ، ثم يطوف للصبي ، ولا يركع عنه ، ولا شيء على الصبي في ركعتيه .

                                                                                                                        19097 - ذكر عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه قال : كانوا يحجون إذا حج الصبي أن يجردوه ، وأن يجنبوه الطيب إذا أحرم ، [ ص: 335 ] وأن يلبى عنه إذا كان لا يقدر على التلبية .

                                                                                                                        19098 - قال : وأخبرنا معمر ، عن الزهري قال : يحج بالصبي ، ويرمى عنه ، ويجنب ما يجنبه الكبير من الطيب ، ولا يخمر رأسه ، ويهدى عنه إن تمتع .




                                                                                                                        الخدمات العلمية