الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وعلى الآخذ إن علم بملك معين : ترك تصرف ليخيره وإن تصرف مضى [ ص: 206 ] كالمشتري من حربي باستيلاد ، وإن لم يأخذه على [ ص: 207 ] رده لربه ، وإلا فقولان ، وفي المؤجل : تردد

التالي السابق


( وعلى الآخذ ) بمد الهمز وكسر الخاء المعجمة لشيء من المغنم رقيقا أو غيره ( إن علم ) الآخذ بعد أخذه أنه جار ( بملك ) مالك مسلم أو ذمي ( معين ) بضم الميم وفتح العين ، والمثناة تحت مشددة فعليه ( ترك ) بفتح فسكون مصدر مضاف لمفعوله ( تصرف ) فيما أخذه منها بوجه مسوغ لأخذه كعدم تعين ربه عند أمير الجيش فيترك التصرف فيه ( ليخيره ) أي الأخذ المعين في أخذه بثمنه أو تركه له ( وإن تصرف ) الآخذ في ذلك الشيء ( مضى ) تصرفه فليس لمالكه أخذه . [ ص: 206 ] وشبه في منع التصرف للتخيير ومضيه إن وقع فقال ( كالمشتري ) ملك مسلم أو ذمي معين ( من حربي ) في بلاد الحرب فلا يتصرف فيه حتى يخير ، فإن تصرف فيه مضى تصرفه وصلة تصرف ( باستيلاد ) وأحرى بعتق ناجز ، ومثل الاستيلاد الكتابة والتدبير والعتق لأجل ، ومفهوم باستيلاد أنه إن تصرف الآخذ من الغنيمة ببيع فلا يمضي ولربه أخذه بثمنه على المعتمد خلافا لابن يونس وأبي الحسن ، وقد أشار له المصنف بقوله وبالأول إن تعدد ، وأما المشتري من حربي فيمضي تصرفه ولو بالبيع فليس لربه أخذه ممن هو بيده ، وسيشير له المصنف بقوله وبعوض به إن لم يبع فيمضي . وفرق بعض القرويين بين المسألتين بأن ما وقع في المقاسم أخذ من العدو قهرا عنه فكان أقوى في رده إلى ربه ، والمشتري من دار الحرب دفعه الحربي طوعا . ولو شاء ما دفعه فهو أقوى في إمضاء ما فعل به من البيع ، فالتشبيه في مطلق المضي فيها وما وجده السيد قد فات بعتق أو ولادة فلا سبيل له إليه ، ولا إلى رقه أخذهم من كانوا بيده في مغنم ، أو بابتياع من حربي أغار عليهم ، أو أبقوا إليه ويمضي عتقهم وتكون الأمة أم ولد لمن ولدت له .

ابن عرفة لو تعدد بيع مار به أحق به بثمنه فطرق ابن محرز والشيخ في أخذه بأي ثمن شاء أو بالأول قولا سحنون وابن القاسم ، وإليه رجع سحنون ، وفرق بينه وبين الشفعة بأنه لو سلم البيع الأول فيما غنم منعه اللخمي يتخرج فوته بالبيع الثاني على فوته به فيما اشتراه مسلم من حربي ببلده من مال مسلم .

قلت يرد بأنه قبل البيع ممن أسلم عليه لا يؤخذ منه ، بخلاف ما غنم ، ثم رأيت لعبد الحق فرق بعض القرويين بأن ما بيع في المقاسم أخذ من العدو قهرا فكان أقوى في رده لربه ، بخلاف ما أخذ منه طوعا ونحوه لابن بشير ابن رشد في قصر حق ربه على فضل ما بين الثمنين وأخذه بالثمن الأخير أو بأي ثمن شاء . رابعها بالثمن الأول ، انظر ابن عرفة فقد أطال ، وإنما يمضي تصرف الآخذ من الغنيمة باستيلاد ونحوه .

( إن لم يأخذه ) أي الآخذ من الغنيمة المتاع المعروف لمعين مسلم أو ذمي ( على ) نية [ ص: 207 ] رده ) أي المتاع ( لربه ) بأن اشتراه بنية تملكه لنفسه فهو راجع للمشتري من الغنيمة فقط . الذي قبل الكلف لا للمشتري من حربي الذي بعدها على خلاف قاعدته الأغلبية ، والفرق بينهما قوة تسلط المالك في الأول بدليل أخذه قبل قسمه مجانا بخلاف الثاني .

وصرح بمفهوم الشرط لبيان أن فيه خلافا فقال ( وإلا ) أي وإن أخذه بنية ورده لربه وتصرف فيه بنحو استيلاد ( ف ) في مضي تصرفه وعدمه ( قولان ) أرجحهما عدمه وهو لابن الكاتب ، والأول للقابسي وأبي بكر بن عبد الرحمن ( وفي ) إمضاء ( العتق المؤجل ) من الأخذ من الغنيمة وعدمه ( تردد ) للخمي وابن بشير الراجح منه الأول بالأولى من التدبير ، وهذا إذا أخذه ليتملكه لا ليرده لربه فحقه التقديم على قوله إن لم يأخذه إلخ وقد قدمه خش عليه وهو حسن غير أنه خلاف النسخ .




الخدمات العلمية