الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 91 ] وبعوده لها بعد بملك آخر في لا سكنت هذه الدار أو دار فلان هذه إن لم ينو ما دامت له ، لا دار فلان ، [ ص: 92 ] ولا إن خربت وصارت طريقا إن لم يأمر به ،

التالي السابق


( و ) حنث ( بعوده ) أي الحالف ( ل ) سكنا ( ها ) أي الدار التي حلف لا يسكنها وصلة عوده ( بعد ) بالضم عند حذف المضاف إليه ونية معناه أي بعد خروجه منها وخروجها عن ملكه وهي ( بملك ) شخص ( آخر ) بفتح الخاء أي غير الحالف ( في ) حلفه ( لا سكنت هذه الدار ) وهي في ملكه فباعها وسكنها في ملك المشتري فيحنث إن لم ينو ما دامت في ملكي قاله العلمي . قيل وفي ذكر العود نظر ، إذ لا يتقيد حنثه بتقدم سكناه ثم عوده . وأجيب بأن العود بمعنى الدخول كقوله تعالى { لتعودن في ملتنا } أي لتدخلن أي وبدخوله على وجه السكنى .

( أو ) حلفه لا سكنت ( دار فلان هذه ) فباعها فلان وسكنها الحالف وهي في ملك المشتري فيحنث ( إن لم ينو ) الحالف ( ما دامت ) الدار ملكا ( له ) أي فلان فإن كان نوى ما دامت له لم يحنث وهذا الشرط راجع للثانية كما هو ظاهر المدونة ، ويصح رجوعه للأولى أيضا إذا كانت الدار ملكا لغير الحالف قاله أحمد بن يونس لأنه إذا قال هذه الدار فكأنه إنما كره سكنى تلك الدار فلا يسقط عنه اليمين انتقال الملك إلا أن ينوي ما دامت لفلان ، فإن كانت ملكا للحالف فتقدم قول العلمي إن لم ينو ما دامت في ملكي . ( لا ) يحنث بسكنى الدار في ملك آخر في حلفه لا سكنت ( دار فلان ) من غير [ ص: 92 ] إشارة إليها فباعها فلان وسكنها الحالف في ملك مشتريها إن لم ينو عينها ( ولا ) يحنث من حلف لا يدخل هذه الدار ( إن ) دخلها بعد أن ( خربت وصارت طريقا ) العلمي والبساطي ولا يحنث بسكناها بعد خرابها وصيرورتها طريقا في حلفه لا سكنت هذه الدار ، والأول فرض المدونة . أحمد لا فرق بين الفرضين وصورة سكناها بعد صيرورتها طريقا بضرب خباء أو خص فيها ، وظاهر فرض المدونة الأول سواء كانت يمينه من أجل صاحبها أو كراهة فيها وقصره في الموازية على الأول ، قال وإن كان كراهة في الدار خاصة فلا يمر بها . أبو محمد صالح يمكن أن يكون هذا تفسيرا . ا هـ . ومثل صيرورتها طريقا بناؤها مسجدا ، فإن بنيت بيتا بعد خرابها وصيرورتها طريقا حنث بدخولها كما في المدونة .

( إن لم يأمر ) الحالف ( به ) أي التخريب وتصييرها طريقا ليدخلها ولا يحنث ، فإن أمر به حنث معاملة له بنقيض قصده وإلا فاسم الدار زال عنها لأنه اسم للساحة مع البنيان ، هذا ظاهره المتبادر من لفظه على أنا لم نقف عليه لغيره ، وإنما ذكر هذا في المدونة فيمن دخلها مكرها بعد بنائها فقال وإن حلف أن لا يدخل هذه الدار فتهدمت وخربت حتى صارت طريقا فدخلها لم يحنث ، فإن بنيت بعد ذلك فلا يدخلها وإن دخلها مكرها لم يحنث إلا أن يأمرهم بذلك فيقول : احملوني ففعل به ذلك فإنه يحنث ا هـ .

ويحتمل أن المصنف فهم أن معنى ما في المدونة إلا أن يأمرهم بالهدم والتخريب وفيه بعد والله تعالى أعلم قاله ابن غازي . الحط والظاهر ما قاله ابن غازي ويحتمل أن الشيخ فهم أن الاستثناء راجع لأول المسألة ا هـ . قلت : لا يصح أن يفهم المصنف ذلك ولا يظن به مع قولها فيقول احملوني ففعل به فإنه صريح لا يقبل التأويل بحال ، ولعلة سقط من نسخة [ ص: 93 ] ابن غازي إذ لم ينقله والله أعلم .




الخدمات العلمية