الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا تبوأ أمة بلا شرط أو عرف ، وللسيد السفر بمن لم تبوأ ، وأن يضع من صداقها ، إن لم يمنعه دينها ، إلا ربع دينار ، [ ص: 356 ] ومنعها حتى يقبضه ، وأخذه وإن قتلها أو باعهما بمكان بعيد إلا لظالم ، وفيها يلزمه تجهيزها به ، وهل خلاف وعليه الأكثر ؟ أو الأول [ ص: 357 ] لم تبوأ ؟ أو جهزها من عنده ؟ تأويلان : وسقط ببيعها قبل البناء : منع تسليمها لسقوط تصرف البائع

التالي السابق


( و ) إن زوج المالك أمته لحر أو عبد وأراد تبوئتها عن مالكها ف ( لا تبوأ ) بضم المثناة فوق وفتح الموحدة والواو مشددة آخره همز أي لا تفرد ببيت ( أمة ) متزوجة جبرا على مالكها ( بلا شرط ) من خاطبها على سيدها تبويئها ( أو ) جريان ( عرف ) به لأنه يعطل أو ينقص خدمتها سيدها فيقضى له ببقائها في بيته ويأتيها زوجها متى شاء لدخوله على ذلك ، فإن شرط أو اعتيد جبر السيد عليه ، ولسيدها من خدمتها ما لا يعطل حق زوجها ونفقتها على زوجها بوئت أو لم تبوأ إلا المكاتبة وأم الولد فتبوآن جبرا بلا شرط أو عرف ، والمبعضة في يومها كالحرة وفي يوم سيدها كالقن .

( وللسيد السفر بمن ) أي أمة متزوجة ( لم تبوأ ) ولو إلى بلد بعيد ، وبيعها لمن يسافر بها كذلك ، ويقضى لزوجها بسفره معها فيهما إلا لعرف بعدمه ، ومفهوم لم تبوأ أنه ليس له السفر بمن بوئت ولا بيعها لمن يسافر بها إلا لعرف أو شرط ( و ) للسيد ( أن يضع ) أي يسقط عن زوج أمته ( من صداقها ) أي الأمة لأنه ملكه سواء بوئت أم لا ، بنى بها أم لا ( إن لم يمنعه ) أي الوضع من صداقها ( دينها ) أي الأمة المحيط بمالها الذي ليس له إسقاطه لتداينها إياه بإذنه . ومفهوم الشرط أنه إن منعه دينها فليس له الوضع قبل البناء ولا بعده ودينه كدينها في منعه كل ما أراد وضعه ( إلا ربع دينار ) [ ص: 356 ] فليس له وضعه قبل البناء لحق الله في شرطه في صحة النكاح ، وله وضعه بعده لصحة النكاح به وصيرورته حقا للسيد ، وهذا إذا كان ينتزع مالها وإلا كمدبرة وقد مرض السيد ومعتقة لأجل قرب فلا وضع له ، ومن التبعيضية لا تغني عن الاستثناء لصدقه بما زاد على ثلاثة أرباع دينار .

( و ) للسيد ( منعها ) أي الأمة من دخول زوجها بها إن لم يدخل ومن وطئها بعده إن كان دخل بها ( حتى يقبضه ) أي السيد المهر من الزوج ( و ) له ( أخذه ) أي المهر كله لنفسه ، هذا قول ابن القاسم ، وقال ابن بكير إلا ربع دينار لحق الله تعالى ، وجعله ابن الحاجب المنصوص ، وعزاه بعضهم لها . وأجيب بأن المضر في ربع الدينار إسقاطه للزوج لا أخذه السيد وله أخذه .

( وإن قتلها ) أي السيد أمته ولو قبل بناء الزوج بها ويكتمل عليه به إذ لا يتهم بقتلها له إذ الغالب نقصه عن قيمتها ( أو باعها ) أي للسيد أمته لمن يذهب بها ( بمكان بعيد ) يشق على زوجها الوصول إليه في كل حال ( إلا ) أن يبيعها قبل البناء ( لظالم ) يمنع زوجها من وصوله إليها فلا يستحق البائع الصداق ، ويجب عليه رده للزوج إن كان قبضه منه ومتى تمكن الزوج من وصوله لها وجب عليه دفعه لبائعها قاله أبو عمران ، فإن باعها بعد البناء لظالم فله أخذه لتقرره على الزوج بالبناء وما سبق كله في كتاب النكاح من المدونة ، وهو يفيد أنه لا يلزم السيد تجهيزها به ( وفيها ) أي المدونة في كتاب الرهون ( يلزمه ) أي السيد ( تجهيزها ) أي الأمة ( به ) أي الصداق الذي يأخذه من زوجها .

( وهل ) ما في الكتابين ( خلاف وعليه ) أي كونهما مختلفين ( الأكثر ) من شارحيها ( أو ) وفاق وعليه الأقل منهم ، واختلف الموفقون فمنهم من قال ( الأول ) أي الذي في [ ص: 357 ] نكاحها من أخذه صداقها في أمة مقيمة في بيت سيدها ( لم تبوأ ) بضم ففتح مثقلا مهموزا ، أي لم تفرد مع زوجها ببيت ، والثاني الذي في رهونها من لزوم تجهيزها به فيمن بوئت ( أو ) أي ومنهم من قال الأول في أمة ( جهزها ) سيدها ( من عنده ) بمثل ما تجهز به من مقبوض صداقها عادة ، والثاني فيمن لم يجهزها من عنده الجهاز المعتاد في الجواب ( تأويلان ) ووفق أيضا بأن الأول فيمن بيعت فقدم حق البائع ، والثاني فيمن لم تبع فقدم حق الزوج ، وبأن الأول فيمن زوجت بعبد سيدها ، والثاني فيمن زوجت بغيره ( وسقط ببيعها ) أي الأمة المتزوجة لغير زوجها ( قبل البناء ) وقبل قبض صداقها .

وفاعل سقط ( منع تسليمها ) أي الأمة لزوجها إلى دفع صداقها لبائعها ، أما عدم منع مشتريها تسليمها لزوجها فلأن صداقها ليس له لأنه من مالها وهو لبائعها إلا أن يشترطه المشتري ، وأما البائع ف ( لسقوط تصرف البائع ) فيها لخروجه عن ملكه ببيعها وإن كان المهر له وليس لها منع نفسها أيضا إذ الصداق لبائعها ، فإن أعتقت فلها منع نفسها إن لم يشترط معتقها مالها وإلا فلا لأنه له .




الخدمات العلمية