الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والثيوبة ; إلا أن يقول عذراء . وفي بكر : تردد ، [ ص: 389 ] وإلا تزوج الحر : الأمة ، والحرة : العبد . بخلاف العبد مع الأمة ، والمسلم مع النصرانية ; إلا أن يغرا . وأجل المعترض سنة بعد الصحة من يوم الحكم ، وإن مرض ،

[ ص: 390 ] والعبد نصفها والظاهر لا نفقة لها فيها [ ص: 391 ] وصدق إن ادعى فيها الوطء بيمينه ; فإن نكل حلفت ، وإلا بقيت ; وإن لم يدعه طلقها ; وإلا فهل يطلق الحاكم أو يأمرها به ثم يحكم به ؟ [ ص: 392 ] قولان . ولها فراقه بعد الرضا بلا أجل ، والصداق بعدها : كدخول العنين ، والمجبوب . [ ص: 393 ]

وفي تعجيل الطلاق إن قطع ذكره فيها : قولان . وأجلت الرتقاء للدواء بالاجتهاد ، ولا تجبر عليه إن كان خلقة

التالي السابق


( و ) لا خيار ب ( الثيوبة ) فيمن ظنها بكرا ( إلا أن يقول ) الزوج أتزوجها بشرط كونها ( عذراء ) أي لم تزل بكارتها بمزيل فيجدها ثيبا فله ردها ولا شيء عليه من صداقها ، وله إمساكها وعليه جميع مهرها سواء علم وليها ثيوبتها أو لم يعلمها ، كانت بنكاح أو غيره ، فهذا استثناء منقطع .

( وفي ) الخيار بشرط ( بكر ) بكسر فسكون فيجدها ثيبا وعدمه ( تردد ) لابن العطار مع بعض الموثقين وأبي بكر بن عبد الرحمن وصوبه بعض الموثقين إن ثبت بغير نكاح كوثبة وتكرر حيض نقله ابن عرفة عن المتيطي وابن فتحون ، فإن ثيبت بنكاح [ ص: 389 ] فله الخيار مطلقا قطعا ، ولم يعلم أبوها ثيوبتها ويكتمها وإلا فله الخيار على الأصح ، ولم يجر العرف بمساواة البكر العذراء وإلا فله الخيار قطعا قاله البرزلي ، ووافقت الزوج على أنه وجدها غير بكر وإلا فالقول قولها إنه وجدها بكرا ، سواء ادعت بقاء بكارتها أو إنه أزالها ، هذا هو المشهور بيمينها وسيأتي .

وعطف على إلا أن يقول عذراء فقال ( وإلا تزوج الحر الأمة ) ولو بشائبة حرية يظنها حرة فيجدها أمة فله الخيار ( و ) إلا تزوج ( الحرة ) أبو الحسن وإن دنيئة ( العبد ) ولو بشائبتها تظنه حرا فتبين أنه عبد فلها الخيار ( بخلاف العبد مع الأمة ) يظن أحدهما حرية الآخر حال عقد النكاح ثم تتبين رقيته فلا خيار له إذ الأمة من نسائه وهو من رجالها .

( و ) بخلاف ( المسلم مع النصرانية ) أو اليهودية يظنها مسلمة أو تظنه نصرانيا أو يهوديا حال العقد ، ثم تتبين كتابية أو يتبين مسلما فلا خيار له ولا لها لذلك في كل حال ( إلا أن يغرا ) أي الأمة العبد بأنها حرة ، أو العبد الأمة بأنه حر أو الكتابية المسلم بأنها مسلمة ، أو المسلم الكتابية بأنه الكتابي ، ولا يحكم بردته بهذا فللمغرور الخيار .

( وأجل ) بضم الهمز وكسر الجيم مثقلا الزوج ( المعترض ) بضم الميم وفتح الراء أي الحر الذي ثبت لزوجته الخيار فيه بأن لم يطأها ، سواء سبق اعتراضه العقد أو تأخر عنه ، واختارت فراقه فيؤجل ( سنة ) هلالية للتداوي فيها وابتداؤها ( بعد ) حصول ( الصحة ) للمعترض من مرض غير الاعتراض إن كان و ( من يوم الحكم ) بتأجيله ، فإن تراضيا على التأجيل فمن يومه . ابن رشد تعبدا . اللخمي لتمر عليه الفصول الأربعة إذ التداوي قد يفيد في فصل دون غيره ، ولا يزاد عليها إن لم يمرض فيها ، بل ( وإن مرض ) [ ص: 390 ] فيها كلها بعد ابتدائها سواء قدر على التداوي فيها أم لا قاله ابن القاسم . وقال أصبغ إن استغرق المرض السنة ومنعه من التداوي فيها فتستأنف له سنة أخرى وقال ابن رشد إن مرض فيها مرضا شديدا منعه من التداوي زيد عليها بقدره فالمناسب إبدال إن بلو .

( و ) أجل ( العبد ) المعترض كذلك ( نصفها ) أي السنة هذا مذهب المدونة ومالك وأكثر أصحابه رضي الله تعالى عنهم وبه الحكم ، وقيل سنة كالحر واستظهر ، ومال إليه غير واحد ونسب لمالك أيضا . المتيطي اختلف في أجل العبد فقال ابن الجهم كأجل الحر ونقل عن مالك وجمهور الفقهاء رضي الله تعالى عنهم . وقيل ستة أشهر وهو قول مالك رضي الله تعالى عنه وبه الحكم . اللخمي الأول أبين لأن السنة جعلت ليختبر في الفصول الأربعة فقد ينفع الدواء في فصل دون فصل ، وهذا يستوي فيه الحر والعبد ( والظاهر ) عند ابن رشد من الخلاف أنه ( لا نفقة لها ) أي زوجة المعترض ( فيها ) أي السنة التي أجل بها للتداوي . ابن غازي هذا وهم منه رحمه الله تعالى :

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه

إنما قال ابن رشد في رسم الصلاة من سماع يحيى من كتاب الصلاة ، قال أبو إسحاق التونسي وانظر إذا ضرب للمجنون أجل سنة قبل الدخول فهل لها نفقة إذا دعته إلى الدخول مع امتناعها منه بجنونه كما إذا أعسر بالصداق ، فإنه يؤمر بإجراء نفقتها مع امتناعها منه لعدم قدرته على دفع صداقها فأجال النظر ولم يبين فيه شيئا والظاهر أنها لا نفقة لها لأنها منعته نفسها لسبب لا قدرة له على رفعه فهو معذور . بخلاف الذي منعته نفسها حتى يؤدي إليها صداقها إذ لعل له مالا كتمه ا هـ .

ولا يصح قياس المعترض على المجنون يعزل عنها ، والمعترض مرسل عليها . الرماصي في جواب تت بأن مراده الظاهر عند المصنف نظر ، إذ لم يعهد له اعتماده هنا على . استظهاره ، ولو سلم فلا يشير له بالظاهر لأنه مخالف لاصطلاحه وملبس ، ولم يذكره في توضيحه . [ ص: 391 ]

( وصدق ) بضم فكسر مثقلا المعترض ( إن ادعى فيها ) أي السنة ( الوطء ) بعد إقراره باعتراضه وتأجيله سنة أو نصفها فيصدق ( بيمينه ) فإن ادعى الوطء بعدها فلا يصدق ، وإن ادعى بعدها الوطء فيها فظاهر كلام المصنف أنه لا يصدق لتقديمه فيها على الوطء . وعلل باتهامه بإسقاط حقها من الفراق ، وفي ابن هارون ما يفيد تصديقه فيها بيمينه .

وعلى هذا ففي المفهوم تفصيل ( فإن نكل ) المعترض عن اليمين على وطئه فيها ( حلفت ) الزوجة أنه لم يطأها فيها ، وفرق بينهما قبل تمام الأجل قاله في المدونة لتصديقها على عدمه بنكوله فسقط حقه في الأجل ، وفي الموازية يبقى لتمام الأجل ثم يطلب باليمين ، فإن نكل فرق بينهما ( وإلا ) أي وإن لم تحلف الزوجة على أنه لم يطأها فيها ( بقيت ) بفتح فكسر حال كونها زوجة ولا كلام لها لتصديقه على وطئها فيها بنكولها .

( وإن لم يدعه ) أي الزوج الوطء فيها بأن أقر بعدمه أو سكت ( طلقها ) أي الزوج الزوجة إن شاءته الزوجة ( وإلا ) أي وإن امتنع من طلاقها ( فهل يطلق ) بضم ففتح فكسر مثقلا ( الحاكم ) الزوجة ( أو يأمرها ) أي الحاكم الزوجة ( به ) أي طلاقها نفسها بأن تقول أنت طالق أو طلقتك أو طلقت نفسي منك أو أنا طالق منك وهو بائن لكونه قبل الوطء ( ثم يحكم ) الحاكم بوقوع الطلاق ليرتفع الخلاف فيه على أن أمر الحاكم بطلاقها نفسها ليس حكما أفاده عب .

البناني بعضهم أي يشهد قاله ابن عات وغيره من الموثقين فليس مراده ما يتبادر منه من الحكم به إذ ليس في النص ما يشهد له . ابن عتاب يقول الحاكم لها بعد كمال نظره فيما [ ص: 392 ] يجب إن شئت أن تطلقي نفسك ، وإن شئت التربص عليه فإن طلقت نفسها أشهد على ذلك . المتيطي لا أعذار في هؤلاء الشهود إذ لا أعذار فيما يقع بين يدي الإمام من إقرار أو إنكار وإشهاد في المشهور من المذهب فيه ( قولان ) لم يطلع المصنف على أرجحية أحدهما ، لكن في ابن عرفة المتيطي في كون الطلاق بالعيب يوقعه الإمام أو يفوضه إليها قولان للمشهور وأبي زيد عن ابن القاسم ا هـ الحط ، وأفتى بالثاني ابن عات ورجحه ابن مالك وابن سهل .

( ولها ) أي زوجة المعترض بعد رضاها بالمقام معه بعد تمام الأجل وتخييرها ( فراقه ) أي المعترض بطلاقها منه ( بعد الرضا ) منها بإقامتها معه لأجل آخر رواه أبو زيد عن ابن القاسم ، ومفهوم لأجل أنها لو رضيت بالإقامة معه أبدا أو أطلقت فليس لها فراقه بعده ، وهذا هو الموافق لقوله أول الفصل ولم يرض . ابن رحال ظاهر كلامهم أنه لا مفهوم له في التوضيح إن رضيت بالمقام مع المجذم ثم أرادت فراقه ، فقال ابن القاسم ليس لها ذلك إلا أن يزيد . وقال أشهب ليس لها ذلك وإن زاد زاد في البيان لها رده وإن لم يزد ( بلا ) ضرب ( أجل ) ثان وبلا رفع لحاكم ( و ) لها ( الصداق ) كله ( بعدها ) أي السنة لأنها مكنته من نفسها وطال مقامها معه وتلذذ بها وأخلق شورتها قاله الإمام مالك رضي الله تعالى عنه . أبو عمران ظاهره أنه إن عدم أحدهما فلا يتكمل ، فإن طلقها قبل تمام الأجل فلها النصف إن لم تطل إقامته معها قاله في المدونة .

وشبه في استحقاق كل الصداق فقال ( كدخول ) الزوج ( العنين ) بكسر العين المهملة والنون مثقلة أي صغير الذكر جدا ثم طلاقه باختياره فعليه الصداق كله ( و ) دخول الزوج ( المجبوب ) أي مقطوع الذكر ثم طلاقه مختارا فعليه الصداق كله بالأولى من المعترض لدخولهما على التلذذ بدون وطء وقد حصل ، ودخول المعترض على الوطء ولم يحصل ولذا انعقد الإجماع فيهما دونه . [ ص: 393 ]

( وفي تعجيل الطلاق ) على المعترض قبل تمام السنة ( إن قطع ) بضم فكسر ( ذكره ) أي المعترض ( فيها ) أي السنة إن طلبته زوجته إذ لا فائدة في تأخيره إلى تمامها ، وعليه نصف صداقها وعدم تعجيله فيؤخر إلى تمامها لعلها ترضى بالإقامة معه ( قولان ) لابن القاسم ومالك رضي الله تعالى عنهما . وقيل تبقى زوجة أبدا وهي مصيبة نزلت بها ، فإن تعمد قطعه عجل الطلاق عليه اتفاقا ، وعليه نصف الصداق ، وقطع ذكر المولى في أجله يبطله وتبقى زوجة اتفاقا ، وكذا غيره بعد وطئه ( وأجلت ) بضم الهمز وكسر الجيم مثقلا الزوجة ( الرتقاء ) أي المسدود مسلك جماعها كغيرها من ذوات داء الفرج فتؤجل ( ل ) لاستعمال ( الدواء ) باجتهاد العارفين ، وأجلها بعضهم بشهرين وكلفة التداوي عليها ، وعليه نفقتها لتمكنه من استمتاعه بها بغير الوطء مع استرساله عليها .

( ولا تجبر ) بضم المثناة وفتح الموحدة الرتقاء ( عليه ) أي التداوي إن امتنعت منه ( إن كان ) الرتق ( خلقة ) لشدة تألمها به سواء كان يحصل به عيب في الإصابة أم لا ، وإن أرادته وأباه الزوج فإن كان لا يحصل به عيب فيها جبر عليه ، فإن طلقها فعليه نصف صداقها ، وإن كان يحصل به عيب فيها فلا يجبر عليه ، فإن طلقها فلا شيء عليه . ومفهوم إن كان خلقة أنه إن كان طارئا بالختان كبنات بعض السودان فإن كان لا يحصل به عيب فيها جبر عليه الآبي منهما وإلا جبرت إن طلبه الزوج ولا يجبر إن طلبته أفاده اللخمي .




الخدمات العلمية