الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو تضمن إثباته رفعه : كدفع العبد في صداقه ، [ ص: 445 ] وبعد البناء تملكه ، أو بدار مضمونة ، أو بألف ، وإن كانت له زوجة : فألفان بخلاف ألف . وإن أخرجها من بلدها ، أو تزوج عليها ، فألفان . [ ص: 446 ]

ولا يلزم الشرط . وكره ، ولا الألف الثانية ; إن خالف : كإن أخرجتك : فلك ألف . أو أسقطت ألفا قبل العقد على ذلك ; إلا أن تسقط [ ص: 447 ] بعد العقد بلا يمين منه

التالي السابق


( أو ) تزوجها بصداق ( تضمن ) بفتحات مثقلا ( إثباته ) أي الصداق ( رفعه ) أي فسخ النكاح ( كدفع العبد ) من إضافة المصدر لمفعوله بأن يزوج السيد عبده بدنانير أو دراهم أو عرض معلوم ويدفعه ( في صداقه ) أي العبد وأولى جعله صداقا من أول الأمر ، [ ص: 445 ] فإذا ثبت هذا النكاح وملكت الزوجة زوجها انفسخ النكاح إذ من موانعه الملك فيفسخ قبل البناء ولا شيء لها ( وبعد البناء تملكه ) أي الزوجة العبد وينفسخ النكاح أيضا لأن فساده لعقده لا لصداقه لوجوب المسمى فيه بالدخول ، ولو كان فساده لصداقه لم يفسخ بعد الدخول ، ووجب فيه صداق المثل .

أبو الحسن ويتبعه سيده بالصداق الذي دفعه فيه على مذهب مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم ، إذ هو ضامن عنه وهو بمنزلة من له على عبده دين وباعه لمن يعلم ذلك خلافا لمن جعله كجنايته على مال سيده ، ولها إبقاؤه في ملكها . وفي المعونة يجب عليها إخراجه عنه لئلا يتلذذ بها ، ولها أن تتزوجه بعد خروجه عن ملكها بعتق أو غيره ، وبعد استبرائها من مائه الفاسد إن كان وطئها .

( أو ) تزوجها ( بدار ) مثلا ( مضمونة ) أي غير معينة وهي في ملك غيره ولو وصفها أو في ملكه ولم يصفها فيفسخ قبل البناء ، ويثبت بعده بمهر مثلها ، فإن كانت في ملكه ووصفها وصفا شافيا وعين موضعها جاز كما يفهم من كلام اللخمي والمدونة . وقال ابن محرز لا يجوز تزويجها بدار مضمونة يصفها إذ بذكر موضعها تتعين ، والمعين لا تقبله الذمة ونحوه يفهم منابن يونس .

( أو ) تزوجها ( بألف ) من الدنانير مثلا على أنه لا زوجة له ( وإن كانت له زوجة ) غيرها حال العقد ( ف ) الصداق ( ألفان ) فيفسخ قبل البناء للشك في قدر الصداق حال العقد ، ويثبت بعده بصداق مثلها لأنه نكاح بغرر ( بخلاف ) تزوجها ب ( ألف ) من الدنانير مثلا بشرط أن لا يخرجها من بلدها أو لا يتزوج أو لا يتسرى عليها .

( وإن ) خالف الشرط و ( أخرجها ) أي الزوج الزوجة ( من بلدها ) أي الزوجة ( أو تزوج ) أو تسرى الزوج ( عليها ف ) الصداق ( ألفان ) فالنكاح صحيح لعدم الشك [ ص: 446 ] في قدر المهر حال عقده ، وإنما الشك في الزيادة بعده وعدمها والأصل عدمها والتوفية بالشرط بخلاف التي قبلها ، فالشك في قدره حال عقده مع القدرة على رفعه بالبحث هل له زوجة أو لا ، بهذا فرق فضل بينهما . وعبارة أبي الحسن لأنها في المسألة الأولى لا ندري ما صداقها أعنده امرأة فلها ألفان أو لا فلها ألف ، وهذه لا غرر فيها ، وقد علمت أن صداقها ألف ، وإنما شرط لها إن فعل فعلا زادها ألفا في صداقها ا هـ .

( ولا يلزم ) الزوج ( الشرط ) أي التوفية به وتستحب ومنه من تزوج ماشطة أو قابلة بشرط خروجها لصنعتها فلا يلزمه الوفاء به ، ويندب وقد أفتي بهذا ( وكره ) بضم فكسر أي القدوم على الشرط المذكور الذي لا يقتضيه العقد ولا ينافيه لأنه تحجير وعدم الوفاء به بعد وقوعه .

( ولا ) تلزم الزوج ( الألف الثانية ) التي علقها الزوج على مخالفة الشرط ( إن خالف ) الزوج الشرط بأن أخرجها أو تزوج أو تسرى عليها . في القاموس الألف من العدد مذكر ، ولو أنث باعتبار الدراهم لجاز ، وشبه في عدم اللزوم فقال ( ك ) قوله لمن في عصمته ( إن أخرجتك ) من بلدك أو بيتك أو تزوجت أو تسريت عليك ( فلك ) علي ( ألف ) فإن أخرجها فلا تلزمه الألف ، وهذا ليس مكروها لأنه ليس شرطا في عقد النكاح ، وعطف على أخرجتك فقال ( أو ) إن سمى لها ألفين حال خطبتها و ( أسقطت ) المخطوبة الرشيدة عن خاطبها ( ألفا ) منهما ( قبل العقد ) للنكاح ( على ) شرط ( ذلك ) أي عدم إخراجها من بلدها أو بيتها أو تزوجه أو تسريه عليها وخالف ذلك بإخراجها أو تزوجه أو تسريه عليها فلا ترجع عليه بالألف الذي أسقطته عنه .

( إلا أن تسقط ) بضم التاء وكسر القاف الزوجة عن زوجها ( ما ) أي شيئا من [ ص: 447 ] صداقها الذي ( تقرر ) لها على زوجها بعقد النكاح عليه بأن عقد عليها بألفين مثلا فأسقطت عنه ألفا منهما ( بعد العقد ) على شرط أن لا يخرجها أو لا يتزوج أو يتسرى عليها فإن خالف بإخراجها أو التزوج أو التسري عليها فلها الرجوع عليه بما أسقطته عنه إن كان الإسقاط ( بلا يمين ) بعتق أو طلاق أو مشي لمكة أو صوم شهر ، لا بما فيه كفارة يمين لسهولتها ( منه ) أي الزوج على أنها لا يخرجها أو لا يتزوج أو لا يتسرى عليها ، فإن أسقطت بيمين بذلك وخالف فلا رجوع لها عليه لأنه في مقابلة حلفه ، وقد حنث في يمينه فيلزمه موجبها من عتق أو طلاق أو مشي أو صوم مثلا ، وإن كان حلفه بالله مثلا مما فيه كفارة وحنث بالمخالفة فلها الرجوع عليه لسهولتها .

وظاهر المصنف تزوج بقرب أو بعد . ابن عبد السلام ينبغي تقييده بالقرب كمن أعطته مالا على أن لا يطلقها ، واعترضه الحط في التزاماته بأن اللخمي نص على أنها ترجع عليه تزوج بقرب أو بعد ، وهو ظاهر المدونة والمتيطي وابن فتحون وغيرهم .




الخدمات العلمية