الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل )

فأما إذا خطب المحرم امرأة لنفسه وتزوجها بعد الحل أو خطبها لرجل حلال ، أو خطبت المحرمة لمن يتزوجها بعد الحل فقال القاضي وابن عقيل في بعض المواضع وأبو الخطاب وكثير من أصحابنا : تكره الخطبة ولا تحرم ويصح العقد في هذه الصور .

وقال ابن عقيل في موضع : لا يحل له أن يخطب ولا يشهد ، وهذا قياس المذهب ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الجميع نهيا واحدا ولم يفصل ، وموجب النهي التحريم ، وليس لنا ما يعارض ذلك من أثر ولا نظر ، بل روي ما يؤكد ذلك فعن نافع أن عبد الله بن عمر قال : " لا يصلح للمحرم أن [ ص: 217 ] يخطب ولا ينكح ولا يخطب على غيره ولا ينكح غيره " رواه حرب ... .

ولأن الخطبة مقدمة النكاح وسبب إليه ، كما أن العقد سبب للوطء ، والشرع قد منع من ذلك كله حسما للمادة ، ولأن الخطبة كلام في النكاح وذكر له وربما طال فيه الكلام ، وحصل بها أنواع من ذكر النساء ، والمحرم ممنوع من ذلك كله ، ولأن الخطبة توجب تعلق القلب بالمخطوبة واستثقال الإحرام والتعجل إلى انقضائه لتحصيل مقصود الخطبة ، كما يقتضي العقد تعلق القلب بالمنكوحة ، ولهذا منعت المعتدة أن تخطب كما منعت أن تنكح ، ونهي الرجل أن يخطب على خطبة أخيه كما نهيت المرأة أن تسأل طلاق أختها .

فأما الشهادة فقد سوى كثير من أصحابنا بينها وبين الخطبة كراهة وحظرا .

وقال القاضي في المجرد : لا يمنع من الشهادة على عقد النكاح ; لأنه لا فعل له فهو كالخاطب ... ، أن الشهادة لا تكره مطلقا إذ لا نص فيها ، ولا هي في معنى المنصوص .

فأما توكيل غيره أو التوكل له ... .

التالي السابق


الخدمات العلمية