الفصل الثاني
أنه إذا
nindex.php?page=treesubj&link=3474_3447قتل الصيد ناسيا ، أو جاهلا : فعليه الكفارة كما على العامد . هذا أشهر الروايتين عنه نقلها
صالح وعبد الله ،
وحنبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=13665والأثرم ،
وأبو طالب ،
وابن القاسم .
وروى عنه
صالح - أيضا - : لا كفارة في الخطأ والناسي والجاهل
[ ص: 399 ] بالتحريم ، وذلك لأن الله سبحانه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ) الآية إلى آخرها . وهذا يدل على أنه لا جزاء في الخطأ من وجوه ؛ - أحدها : أن الله نهى المحرم عن قتل الصيد ، والناسي والمخطئ غير مكلف ، فلا يكون منهيا ، وإذا لم يكن منهيا لم يكن عليه جزاء ؛ لأن القتل المضمون هو القتل المنهي عنه كما دل عليه سياق الآية .
الثاني أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ) .
فقد نص على وجوب الجزاء على المتعمد فيبقى المخطئ بريء الذمة فلا يجوز أن يوجب عليه الشيء لبراءة ذمته .
الثالث : أنه خص المتعمد بإيجاب الجزاء بعد أن تقدم ذكر القتل الذي يعم المتعمد وغيره ، ومتى ذكرت الصفة الخاصة بعد الاسم العام : كان تخصيصها بالذكر دليلا قويا على اختصاصها بالحكم ، أبلغ من لو ذكرت الصفة مبتدأة . إذ لو لم يختص بالحكم : كان ذكر المتعمد زيادة في اللفظ ، ونقصا في المعنى . ومثل هذا يعد عيا في الخطاب ، وهذا المفهوم لا يكاد ينكره من له أدنى ذوق بمعرفة الخطاب .
الرابع : أن المتعمد اسم مشتق من العمد مناسب كان ما منه الاشتقاق علة الحكم فيكون وجوب الجزاء لأجل التعمد ، فإذا زال التعمد : زال وجوب الجزاء لزوال علته .
الخامس : أنه أوجب الجزاء ليذوق وبال أمره والمخطئ ليس عليه وبال فلا يحتاج إلى إيجاب الجزاء .
وأيضا : فضمان الصيد ليس حقا لآدمي ، وإنما هو حق لله . وما حرمه الله إذا
[ ص: 400 ] فعله ناسيا ، أو مخطئا لا مؤاخذة عليه ولا جزاء .
فعلى هذه الرواية : لو
nindex.php?page=treesubj&link=3473_17157تعمد رميه بآلة تقتل غالبا ، ولم يقصد قتله : فهو متعمد أيضا ؛ لأنه فعل ما لا يحل له ، وهو مؤاخذ بذلك . ويحتمل كلامه أنه ليس بعمد .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=3444قتل صبي ، أو مجنون صيدا في الحرم ، أو قتله الصبي وهو محرم .. . .
ووجه الأول .. . ، عن ابن جريج قلت لعطاء : لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا [ قلت له : فمن قتله خطأ أيغرم ؟ ، وإنما جعل الغرم على من قتله متعمدا ] قال : نعم يعظم بذلك حرمات الله ، ومضت به السنن . ولئلا يدخل الناس في ذلك ، فإنه لو لم يجعل على قاتل الصيد حراما خطأ غرم ، أو شك الذي يقتله عمدا يقول : إنما قتلته خطأ ، قال : ولذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن قتله منكم متعمدا ) قال : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار : رأيت الناس أجمعين يغرمون في الخطأ .
وعن
عقيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب أنه سئل عن قتل المحرم الصيد خطأ ؟ ، فقال :
[ ص: 401 ] زعموا أن كفارة ذلك خطأ في السنة ، وكفارة العمد في القرآن . رواهن
ابن دحيم وغيره .
فقد ذكر هؤلاء التابعون : مضى السنة والإجماع بالكفارة في الخطأ ، والسنة إذا أطلقت : فإما سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو سنة خلفائه الراشدين ، وبكل حال فذلك حجة يجب اتباعه .
والمرسل إذا أرسل من وجوه مختلفة : صار حجة وفاقا .
وقد روى
جابر عن
الحكم أن
عمر كتب إلى أهل الأمصار أن قتل الصيد العمد والخطأ سواء . رواه
دحيم ،
والنجاد ولفظه : أن
عمر كتب : أحكم
[ ص: 402 ] عليه في الخطأ والعمد . قال
أحمد : قد روي عن
عمر وغيره : أنهم حكموا في الخطأ .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - في رجل ألقى جوالق على ظبي فأمر بالجزاء . رواه
أحمد ، قال : هذا لا يكون عمدا إلا أن هذا شبه عمد إلا أنه لا يتعمده .
وعن
أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) قال : إن قتله متعمدا ، أو ناسيا حكم عليه ، فإن عاد متعمدا عجلت له العقوبة إلا أن يغفر الله تبارك وتعالى . رواه جماعة .
وأيضا : فإن الله سبحانه
nindex.php?page=treesubj&link=9364_9354_23618أوجب في قتل المعصوم خطأ دية وكفارة ، والدية حق لورثته والكفارة حق لله ولم يسقط ذلك بكونه مخطئا ، فقتل الصيد خطأ في معنى ذلك سواء ؛ لأنه قتل حيوان معصوم مضمون بكفارة ، وكونه معفوا عنه ، ولا يؤاخذ بالخطأ لا يمنع وجوب الكفارة ، كالكفارة في قتل الآدمي ، وذلك لأن المتعمد يستحق الانتقام من الله ، ويجب عليه الكفارة فالمخطئ قد عفي له عن الانتقام أما الكفارة فلا .
وأما تخصيص المتعمد في الآية : فلأن الله ذكر وجوب الجزاء : ليذوق وبال أمره وأنه عفا عما سلف ، وأن من عاد انتقم الله منه ، وهذه الأحكام مجموعها لا تثبت إلا لمتعمد ، وليس في ذلك ما يمنع ثبوت بعضها في حق المخطئ ، بل يجب ترتيب هذه الأحكام على ما يقتضيها من تلك الأفعال ، فالجزاء بدل المقتول والانتقام عقوبة القاتل ، وهذا كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217ومن يرتدد منكم عن دينه ) ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) الآيتين وقوله
[ ص: 403 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ومن يشاقق الرسول ) الآية وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها ) الآية . وهذا كثير في القرآن والحديث : يرتب الجزاء على أمور ، ويكون بعضه مرتبا على بعضها منفردا .
الْفَصْلُ الثَّانِي
أَنَّهُ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=3474_3447قَتَلَ الصَّيْدَ نَاسِيًا ، أَوْ جَاهِلًا : فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا عَلَى الْعَامِدِ . هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ نَقَلَهَا
صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ ،
وَحَنْبَلٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13665وَالْأَثْرَمُ ،
وَأَبُو طَالِبٍ ،
وَابْنُ الْقَاسِمِ .
وَرَوَى عَنْهُ
صَالِحٌ - أَيْضًا - : لَا كَفَّارَةَ فِي الْخَطَأِ وَالنَّاسِي وَالْجَاهِلِ
[ ص: 399 ] بِالتَّحْرِيمِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِي الْخَطَأِ مِنْ وُجُوهٍ ؛ - أَحَدُهَا : أَنَّ اللَّهَ نَهَى الْمُحْرِمَ عَنْ قَتْلِ الصَّيْدِ ، وَالنَّاسِي وَالْمُخْطِئُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ، فَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَنْهِيًّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاءٌ ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ الْمَضْمُونَ هُوَ الْقَتْلُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْآيَةِ .
الثَّانِي أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) .
فَقَدْ نَصَّ عَلَى وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ فَيَبْقَى الْمُخْطِئُ بَرِيءَ الذِّمَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ الشَّيْءَ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُ خَصَّ الْمُتَعَمِّدَ بِإِيجَابِ الْجَزَاءِ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْقَتْلِ الَّذِي يَعُمُّ الْمُتَعَمِّدَ وَغَيْرَهُ ، وَمَتَى ذُكِرَتِ الصِّفَةُ الْخَاصَّةُ بَعْدَ الِاسْمِ الْعَامِّ : كَانَ تَخْصِيصُهَا بِالذِّكْرِ دَلِيلًا قَوِيًّا عَلَى اخْتِصَاصِهَا بِالْحُكْمِ ، أَبْلَغَ مِنْ لَوْ ذُكِرَتِ الصِّفَةُ مُبْتَدَأَةً . إِذْ لَوْ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْحُكْمِ : كَانَ ذِكْرُ الْمُتَعَمِّدِ زِيَادَةً فِي اللَّفْظِ ، وَنَقْصًا فِي الْمَعْنَى . وَمِثْلُ هَذَا يُعَدُّ عِيًّا فِي الْخِطَابِ ، وَهَذَا الْمَفْهُومُ لَا يَكَادُ يُنْكِرُهُ مَنْ لَهُ أَدْنَى ذَوْقٍ بِمَعْرِفَةِ الْخِطَابِ .
الرَّابِعُ : أَنَّ الْمُتَعَمِّدَ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَمْدِ مُنَاسِبٌ كَانَ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ عِلَّةَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ وُجُوبُ الْجَزَاءِ لِأَجْلِ التَّعَمُّدِ ، فَإِذَا زَالَ التَّعَمُّدُ : زَالَ وُجُوبُ الْجَزَاءِ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ .
الْخَامِسُ : أَنَّهُ أَوْجَبَ الْجَزَاءَ لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ وَالْمُخْطِئُ لَيْسَ عَلَيْهِ وَبَالٌ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِيجَابِ الْجَزَاءِ .
وَأَيْضًا : فَضَمَانُ الصَّيْدِ لَيْسَ حَقًّا لِآدَمِيٍّ ، وَإِنَّمَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ . وَمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ إِذَا
[ ص: 400 ] فَعَلَهَ نَاسِيًا ، أَوْ مُخْطِئًا لَا مُؤَاخَذَةَ عَلَيْهِ وَلَا جَزَاءَ .
فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3473_17157تَعَمَّدَ رَمْيَهُ بِآلَةٍ تَقْتُلُ غَالِبًا ، وَلَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ : فَهُوَ مُتَعَمِّدٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ ، وَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِذَلِكَ . وَيَحْتَمِلُ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَمْدٍ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3444قَتَلَ صَبِيٌّ ، أَوْ مَجْنُونٌ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ ، أَوْ قَتْلَهُ الصَّبِيُّ وَهُوَ مُحْرِمٌ .. . .
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ .. . ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ : لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا [ قُلْتُ لَهُ : فَمَنْ قَتَلَهُ خَطَأً أَيَغْرَمُ ؟ ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الْغُرْمُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا ] قَالَ : نَعَمْ يُعَظِّمُ بِذَلِكَ حُرُمَاتِ اللَّهِ ، وَمَضَتْ بِهِ السُّنَنُ . وَلِئَلَّا يَدْخُلَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْعَلْ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ حَرَامًا خَطَأً غُرْمٌ ، أَوْ شَكَّ الَّذِي يَقْتُلُهُ عَمْدًا يَقُولُ : إِنَّمَا قَتَلْتُهُ خَطَأً ، قَالَ : وَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا ) قَالَ : وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16705عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ : رَأَيْتُ النَّاسَ أَجْمَعِينَ يُغَرِّمُونَ فِي الْخَطَأِ .
وَعَنْ
عُقَيْلٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَتْلِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ خَطَأً ؟ ، فَقَالَ :
[ ص: 401 ] زَعَمُوا أَنَّ كَفَّارَةَ ذَلِكَ خَطَأً فِي السُّنَّةِ ، وَكَفَّارَةَ الْعَمْدِ فِي الْقُرْآنِ . رَوَاهُنَّ
ابْنُ دُحَيْمٍ وَغَيْرُهُ .
فَقَدْ ذَكَرَ هَؤُلَاءِ التَّابِعُونَ : مَضَى السُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ بِالْكَفَّارَةِ فِي الْخَطَأِ ، وَالسُّنَّةُ إِذَا أُطْلِقَتْ : فَإِمَّا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ سُنَّةُ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ ، وَبِكُلِّ حَالٍ فَذَلِكَ حُجَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ .
وَالْمُرْسَلُ إِذَا أُرْسِلَ مِنْ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ : صَارَ حُجَّةً وِفَاقًا .
وَقَدْ رَوَى
جَابِرٌ عَنِ
الْحَكَمِ أَنَّ
عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ سَوَاءٌ . رَوَاهُ
دُحَيْمٌ ،
وَالنَّجَّادُ وَلَفْظُهُ : أَنَّ
عُمَرَ كَتَبَ : أَحْكُمُ
[ ص: 402 ] عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ . قَالَ
أَحْمَدُ : قَدْ رُوِيَ عَنْ
عُمَرَ وَغَيْرِهِ : أَنَّهُمْ حَكَمُوا فِي الْخَطَأِ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي رَجُلٍ أَلْقَى جَوَالِقَ عَلَى ظَبْيٍ فَأُمِرَ بِالْجَزَاءِ . رَوَاهُ
أَحْمَدُ ، قَالَ : هَذَا لَا يَكُونُ عَمْدًا إِلَّا أَنَّ هَذَا شِبْهُ عَمْدٍ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتَعَمَّدُهُ .
وَعَنْ
أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) قَالَ : إِنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا ، أَوْ نَاسِيًا حُكِمَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ مُتَعَمِّدًا عُجِّلَتْ لَهُ الْعُقُوبَةُ إِلَّا أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى . رَوَاهُ جَمَاعَةٌ .
وَأَيْضًا : فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=9364_9354_23618أَوْجَبَ فِي قَتْلِ الْمَعْصُومِ خَطَأً دِيَةً وَكَفَّارَةً ، وَالدِّيَةُ حَقٌّ لِوَرَثَتِهِ وَالْكَفَّارَةُ حَقٌّ لِلَّهِ وَلَمْ يَسْقُطْ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ مُخْطِئًا ، فَقَتْلُ الصَّيْدِ خَطَأً فِي مَعْنَى ذَلِكَ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّهُ قَتْلُ حَيَوَانٍ مَعْصُومٍ مَضْمُونٍ بِكَفَّارَةٍ ، وَكَوْنُهُ مَعْفُوًّا عَنْهُ ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِالْخَطَأِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ ، كَالْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ الْآدَمِيِّ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَعَمِّدَ يَسْتَحِقُّ الِانْتِقَامَ مِنَ اللَّهِ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَالْمُخْطِئُ قَدْ عُفِيَ لَهُ عَنْ الِانْتِقَامِ أَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلَا .
وَأَمَّا تَخْصِيصُ الْمُتَعَمِّدِ فِي الْآيَةِ : فَلِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ وُجُوبَ الْجَزَاءِ : لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ وَأَنَّهُ عَفَا عَمَّا سَلَفَ ، وَأَنَّ مَنْ عَادَ انْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُ ، وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ مَجْمُوعُهَا لَا تَثْبُتُ إِلَّا لِمُتَعَمِّدٍ ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ بَعْضِهَا فِي حَقِّ الْمُخْطِئِ ، بَلْ يَجِبُ تَرْتِيبُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهَا مِنْ تِلْكَ الْأَفْعَالِ ، فَالْجَزَاءُ بَدَلُ الْمَقْتُولِ وَالِانْتِقَامُ عُقُوبَةُ الْقَاتِلِ ، وَهَذَا كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ) ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) الْآيَتَيْنِ وَقَوْلِهِ
[ ص: 403 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ ) الْآيَةَ وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا ) الْآيَةَ . وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ : يُرَتِّبُ الْجَزَاءَ عَلَى أُمُورٍ ، وَيَكُونُ بَعْضُهُ مُرَتَّبًا عَلَى بَعْضِهَا مُنْفَرِدًا .